بقلم هاني الترك
By Hani Elturk OAM
يقول الشاعر الكبير تيد هيوز في سيرته الذاتية انه في كل مرة يدخل فيها المكتبة يشعر بالإثارة والنشوة الجنسية.. ويقول الكاتب الكبير كولين ويلسون انه في المكتبة يشعر انه مثار جنسياً وكأنه وسط مجموعة من النساء الجميلات.. واثناء دراستي كان يقول لنا عميد كلية الحقوق في جامعة سيدني للتكنولوجيا انه عندما ينقب التاريخ ويريد معرفة فيما اذا كان القانون العام الانكليزي والتشريعات الانكليزية اصبحت هي السارية على سكان مستوطنة نيو ساوث ويلز وقت اكتشافها تفتح شهيته الجنسية.
وانا نفسي حينما ادخل المكتبة العامة اذ ان مهنتي هي العمل في مكتبات القانون اشعر بمتعة ذهنية عارمة لأنني اتجول في معبد تراث الانسانية.. فإن الكتاب يسحرني ويخلب لبي.. فرغم الثورة الرقمية فلم تجذبني الانترنيت للقراءة ولم تؤثر فيّ الكتب الالكترونية ebook.. بل طيلة عمري وانا اعشق الكتاب الورقي.. اعشق شكلة في المكتبات واحب رائحته..
كان يُظن ان الانترنيت والكتاب الالكتروني سوف يقضيان على الكتاب الورقي ويحلان مكانه ولكن فشلت هذه التكهنات.. فلا يزال الكتاب هو المصدر الاول للثقافة ولم تغلق المكتبات التجارية لبيع الكتب ابوابها.. بل ازداد شراء الكتب وخصوصاً في استراليا.. يبلغ البيع الاجمالي للكتب نحو ملياري دولار.. اذ ان نسبة القراءة في استراليا هي الاعلى بين جميع دول العالم.. وفي العالم العربي النسبة هي نصف صفحة كل عام.
ومن المحزن ان نسبة الاطلاع في الجالية هي متدنية فاذا ذهبنا الى اي مكتبة عامة في منطقة ذات كثافة سكانية عربية وتفرسنا في وجوه القراء وقد اكد ذلك مدراء المكتبات في تلك المناطق فإن معظمهم ليسوا من خلفية عربية .. مع ان اول كلمة في القرآن اقرأ واول كلمة في الانجيل في البدء كانت الكلمة.. وظاهرة عدم القراءة بين ابناء الجالية هي ظاهرة كسل عقلي وخمول فكري.. ان الجهل هو عدو البشرية الأول.. والقراءة هي غذاء الرورح ونور العقل ويقظة القلب ومتعة الشعور .. وبسط آفاق واسعة من التأمل والفكر والاتصال الدائم بأحداث العالم.. وفي الكتب يكمن تراث الإنسانية كله من فنون وعلوم وآداب.
فمن المحزن رغم احتكاكنا بالمجتمع الاسترالي اننا لم نبال باكتساب ارقى عادة في الانسان العصري المتحضّر وهي عادة القراءة اذ ان النسبة في استراليا هي رائدة بين الأمم .. فعندما نهتم بالكتاب كإهتمامنا بالغذاء والدواء والهواء ساعتئذ نستطيع ان نستعيد امجادنا وسط الأمم .. فهكذا تبني الأمم امجادها.