زهير السباعي
تتناقل وسائل الاعلام تصريحات صادرة عن مسؤولين روس وإيرانيين يحتار المرء في فهمها فمرة يقولون أنهم ليسو متمسكين برأس النظام السوري وأخرى يقولون بأنه خط أحمر ومع ذلك نراهم مستمرون في إرسال أحدث أسلحتهم العسكرية ومستشاريهم العسكريين وجيوشهم لمنع إنهياره وسقوطه فما هو التفسير لما يظهر أنه تناقض في مواقفهم وتصريحاتهم ؟ في البداية دعونا نلقي نظرة على تعريف كلمة ثورة، فالثورة في المصطلح السياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره بإندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل، أما التعريف الحديث والمعاصر للثورة فهو التغيير الكامل لجميع المؤوسسات والسلطة الحكومية في النظام السابق لتحقيق طموحات التغيير لنظام سياسي نزيه وعامل ويوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع – ويكيبيديا- وهذا التعريف ينطبق تماماً على ثورة الشعب السوري وصموده الاسطوري الذي ثار وانتفض لإنهاء نظامٍ ظل جاثماً على صدره لستة عقود عجاف والبدء ببناء مرحلة جديدة تختلف كلياً عن المرحلة السابقة والتي ستنسف جميع الإتفاقيات والالتزامات التي وقعها النظام السوري وتعتبرها بحكم اللاّغية والباطلة كون النظام السوري فقد شرعيته منذ اللحظة الأولى لإنطلاق الثورة السورية وهذا ماصرح به معظم زعماء العالم وعلى رأسهم اوباما وساركوزي واردوغان، فالإتفاقيات والإلتزامات والتنازلات التي قدمها رأس النظام السوري لكلٍ من روسيا وإيران لايمكن لأي حكومة وطنية قادمة بعد نجاح الثورة أن تقبل به على العكس من ذلك سترفضه وتلغيه وسيذهب أدراج الرياح مع العلم بأن معظم هذه الإتفاقيات والإلتزامات كانت ثمناً لتدمير سورية وقتل وسجن وتشريد وتهجير شعبها وهنا بيت القصيد وهذا مايفسر لنا رفض الدب الروسي وإيران الفارسية لكل العروض المقدمة لهما بالحفاظ على مصالحهما بعد تغيير النظام السوري الذي باع ورهن سورية بالكامل لكلٍ من روسيا وإيران مقابل إنقاذه وإبقائه في الحكم ولو بشكل صوري -إجر كرسي- لذلك يصر الدب الروسي والفارسي الصفوي على فترةٍ إنتقالية يشارك فيها النظام والمعارضة في حكومة واحدة وإجراء إنتخابات رئاسية يحق لبائع البلد ومدمره وقاتل أهله ومشردهم الترشح وعفا الله عمّا مضى وتعود حليمة وتحكم البلد من جديد -بدكون حرية- بمعنى أخر إستمرار النظام نفسه مهما شارك في الحكومة الإنتقالية من قوى وشخصياتٍ معارضة فالرئيس والحكومة التي ستأتي في حال رحل رأس النظام ستبقى ملزمة بكل ما وقَّعَ عليه النظام السابق من اتفاقياتٍ والتزاماتٍ وهذا مايفسر لنا أيضاً قولهم بأنهم لايدافعون عن رأس النظام وأنهم غير متمسكون به ولكنهم وبنيتهم الخبيثة والمبيته يوهمون الرأي العام بأنهم يريدون الحفاظ على مؤوسسات الدولة السورية وكأنهم أبناء هذا البلد والحريصون عليه
يا أيها الحالمون -كحلم إبليس بالجنة- بتغيير المواقف الروسية والإيرانية بالكلام المعسول ورسائل الإستجداء لاتخدعنكم التصريحات الدبلوماسية البراقة والزائفة والواهية فسياسة الروس والإيرانيين المراوغة والكذب والنفاق، إستيقظوا من أحلامكم واعلمو بما تضحون عندما يدعوكم الدب الروسي إلى بيته.