المتروبوليت بولس صليبا
هناك بعض الحقائق والتعاليم الإلهية المتعلقة بالإيمان والتي علينا أن نتعلمها ونسمعها مرات كثيرة حتى تصبح قسماً من ضميرنا في حياتنا اليومية. هذه الحقائق تُعتبر كحجر الأساس في بناء الكنيسة. مثلاً الصليب ويسوع المصلوب عليه؛ قيامة المسيح؛ خلاص البشرية بدم يسوع؛ وغيرها الكثير والتي نُرددها أحداً بعد أحد ومناسبة بعد أخرى في قراءات الإنجيل والرسائل. اليوم سأتكلم، بمعونة الرب عن « سمات الرب « التي ذكرها الرسول بولس « لأني حامل في جسدي سمات الرب يسوع «.
إن أحد المميزات المعروفة عن القديسين أنهم لا يتكلمون عن أنفسهم. إذ أنه كلما ارتفع القديس على سلم القداسة والكمال، كلما عظم تواضعه واحترامه. أحد ميزات الإنسان الفارغ أنه يصرخ ويطلب من العالم أن يهتم بأصغر أمر يفعله. هناك مثل شعبي يقول: « البرميل الفارغ يُسبِّب ضجة، الملآن يبقى صامتاً». يقول البعض: « كان على القديسين أن يواجهوا أعداءهم للدفاع عن أنفسهم «. لكن المؤرخ الكنسي من القرن الخامس « لافسيك « الذي زار أدياراً للراهبات والرهبان في مصر، وفلسطين وغيرهما، سجل في كتاب
« تاريخ بالاديوس» ميزات كثيرة من حياة الرهبان، محبتهم وتشبههم بالذين جاهدوا قبلهم للوصول إلى المدينة السماوية.
اليهود معلموا ذاك الوقت اتهموا الرسول بولس بأنه ليس رسولاً حقيقياً وواحداً من الإثني عشر. لم يعطوه الحق في تعليم الآخرين عن الخلاص بالطرق السهلة التي اتبعها كما اتهموه بأنه لم يرى السيد المسيح في حياته. اعتذر الرسول ببعض العنجهية وقال: « لأني حامل في جسدي سمات الرب يسوع». بكلمات بسيطة « أحمل آثار الجروح التي تحملتها من أجل الرب يسوع، والجروح هذه هي البرهان الأهم لكم». ما هي سمات الرب يسوع التي يتكلم عنها الرسول؟ يذكرهم في الرسالة الثانية الى كورنثوس: «في الأتعاب أكثر. في الضربات أوفر. في السجون أكثر. في الميتات مراراً كثيرة. قبلت أربعين جلدة إلا واحدة. ثلاث مرات ضُربت بالعصي. مرة رُجمت. ثلاث مرات انكسرت بي السفينة…(11: 24- 30).
في الرسالة إلى العبرانيين يكتب عن قدّيسي الله. يقول: « آخرون عُذِّبوا… آخرون تجربوا في هزء وجلد ثم في قيود أيضاً وحبس ورُجموا نُشروا جُرِّبوا ماتوا قتلاً بالسيف، طافوا في جلود غنم ومعز مقتادين مكرومين مُذلين…(11: 33- 40).
علامات كهذه تحمل مجداً وشرفاً لمن يتحملهم ويعتبروا ختم حياته. لم يشعر الرسول بالخزي بسببهم، بل العكس كان مسروراً وفخوراً جداً بهم إذ أن هذه العلامات الإيجابية تحمل للشخص المجد والشرف، بينما العلامات السلبية تجلب لصاحبها الخزي والإهانة. الجروح التي يتحملها الجندي في الحروب مدافعاً عن وطنه هي وصمة شرف، الإنسان الذي يواجه النار لمساعدة وتخليص أشخاص دون التفكير بنفسه هو بطل. لا شك بأن هناك جروح تجلب لصاحبها الذل والصيت السيء والعيب كالجروح التي هي نتيجة السكر والحياة المجبولة بالخطيئة. أعمال كهذه على المسيحي أن يبتعد عنها لأنها لا تحمل فقط العيب والذل و… بل تحمل معها الموت نفسه. يقول الرسول بولس: « ثمن الخطيئة هو الموت «.
فإذا لم تكن عندنا مناسبات لنحمل فيها « سمات الرب « وجروحاته، التي هي برهان التزامنا للمسيح، فلنحمل علامات المؤمن الأخلاقية والمحبة. عندما يرى غير المؤمن أفعالنا سيُمجد هو أيضاً الأب السماوي.
آميـــــــن