زهير السباعي
تشهد الساحة الدولية والإقليمية حراكاً سياسياً قوياً يلاحظ بشكل واضح سببه دفع الروس بإتجاه إنتاج حل سياسي وفق مشيئتها ورغبتها بعد أن فرضت واقعاً جديداً بتدخلها العسكري المباشر واحتلالها لسورية وتنفيذ ضربات جوية محددة بالزمان ومترافقة بجهودٍ حثيثة جداً منها لإنتاج حل وفق ما يحلو لها أن يكون، بعد أن أدركت يقيناً أن مصالحها باتت مهددة وأن النظام السوري في نزعه ويلفظ أنفاسه الأخيرة فهبت لإنعاشه لكن في الواقع هناك فجوة عميقة بين الأطراف الدولية والإقليمية تحمل في طياتها مخططاً لجذب الدب الروسي أكثر وأكثر إلى المستنقع السوري وتوريطه برياً وبشكلٍ كبير ولن يخرج من تحت الرمال المتحركة في سورية الا مهزوما وهو خط الدفاع او الموازي للصين، لم يدخل قيصر روسيا الى سورية الاّ مرغماً بعد أن أدرك بأن الصراع في سورية سيطال العمق الاستراتيجي لروسيا -ضربة استباقية- ستدفع روسيا ثمناً لايتصوره عقل ولن ينتهي إلا بإنهيارها وتحولها إلى قزم يقبع وسط صقيع وجليد سيبيريا،الأمر الذي يمهد لضرب الصين والتي تكون قد فقدت أهم ركيزة لها وقطع الطرف الأخر -أمريكا- نصف المعركة الإستراتيجية العالمية الجديدة والغير مألوفة بقسوتها وعنفوانها ومدتها ونتائجها وأسلوبها وأدواتها إنها معركة آخر ماتوصل له العقل البشري من تكنولوجيا حديثة بين هذه المعارك يقع الشعب السوري بشقيه المعارض والموالي ومعهم الأمة العربية بأكملها، منذ عدة أيام صرح هنري كيسنجر بأن الشرق الأوسط هو ساحة إقتصادية لأمريكا ولن تسمح لأحد أن يستولي عليه ولا يحلم حتى مجرد حلم به، هذا التصريح نستطيع ربطه بموقف إدارة أوباما والذي يعتبره الكثيرون أنه غير مبالٍ بالشرق الأوسط وأنها لم تضعه على سلم أولوياتها هذا التحليل غير دقيق فالشرق الأوسط شريان الحياة لجميع الأمم وخاصة أمريكا التي لديها من الإمكانيات الاقتصادية مايفوق ال 45 بالمئة من إقتصاد العالم وتملك من القدرات العسكرية تفوق الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بأضعاف وهذا ما أهلها للتربع على عرش قيادة العالم وقودها شعوب ماعرفت إلاّ الجهل والمرض والكسل والتناحر وكرهها للعلم والمعرفة جعلت من الدين ألعوبة بين أبنائها وسبباً لأنهارٍ من الدماء وتركت الجانب الذي تبعته الدول المتقدمة لتبقى خارج التاريخ، أمة فرقها الدين وجمعها الدكتتور بطبله وعصاه فأحسنت وبرعت في الرقص بمجرد ضرب القائد الملهم والمفدى للطبل بين هذه الأنظمة الشمولية والديكتتورية التي باعت شرف الأمة وبين علماء السلطان ضاعت الأمة فهؤلاء العلماء عملو على تزوير الحقائق والتاريخ والثقافة لتكون متناسبة مع هوى ولي نعمتهم وكذلك معارضة الفنادق السورية التي تهدر المليارات على مؤتمراتها التي لاتقدم ولا تؤخر، إذا لم تستطع الأمة التخلص من الإثنان ستبقى تقف طويلاً متسولة على أبواب التقدم والعلم والمعرفة، حقٌ لمن يحبنا إن بقي لنا محب أن ينوح علينا حقٌ لنا أن نقف طويلاً متأملين فنحن حقيقة شعوب بلا رؤوس وأجساد بلا روح فقدنا بوصلة التوجيه ولم نعد نفرق بين الشمس والقمر من كثرة الغبار الذي اثرناه بصولات وجولات كاذبة فاقدة المحتوى الانساني والقيمي، حق لنا أن نقول إذاً من نحن وإلى أين نحن ذاهبون وأين سينتهي بنا المطاف، الشعوب العربية بأجمعها بحاجة إلى وقفة حقيقية وصادقة ونبيلة مع الذات وما أصعبها من وقفة .