كمال براكس – سيدني
ظاهرة التشاؤم والسوداوية تغلب عامة في الأدب المعاصر، ويدّعي ادباءه هذا الاتجاه، انهم يعكسون حقيقة الحياة التي نحياها، ولكنهم يبذلون جهداً في النقد، اكثر مما يبذلون في الابداع، ويعتمدون على مسلمات مشكوك فيها، ويكتبون بطريقة غريبة، هي اقرب ، الى صرخات المتزلمين وتشنجات العصابيين، ويهدفون الى تحطيم هذا العالم الذي لا يرون فيه سوى البؤس والشقاء.
وهكذا كان ادب هذه الجماعة ادباً سالباً، ونحن اذا استعرضنا اعلام الادباء المعاصرين في اوروبا واميركا، وجدنا التشاؤم هو الطابع العام لانتاجهم باستثناء فئة ضئيلة منهم.
وليس التشاؤم بمستغرب ان يطبع ادب عصرنا بطابعه، بل انه نتيجة طبيعية للأحداث التي مرّ بها العالم الاوروبي، وهزيمته في الحرب العالمية اثانية امام قوات هتلر، احداث اميركا التي تذكرنا بأيلول 2011 التي هزت العالم بفظاعتها.
وانهيار المثل العليا المسيحية في نفوس الناس، حتى كادت الكنائس تخلو منهم، والحرب العالمية الثانية، ما زال البشر يعيشون فيها، ويخشون الدمار، في اية لحظة، بسبب الاسلحة الفتّاكة من ذرية وهيدروجينية.
وان من الواجب على المرء، البحث عن دين، يستطيع ان ينفذ الى مكبّ الانسانية، ويجنبها الدمار، ما دام الدين قد عجز عن ذلك.
وانقسم الكتاب المعاصرون امام هذه المعضلة فئات لكل منها دينها او رأيها في حلّازمة الانسان المعاصر.
فمنها ما رأى ان الوجودية هي الحل، والبعض الآخر في العودة الى الكثلكة، والبعض الثاني الى الاسلام، ورأى آخرون في التنظيم الحزبي والسياسي، ولكن مهما عمق ادراك هؤلاء الكتّاب جميعاً، لمأساة الانسان المعاصر، فانهم يرون ان هناك سبيلاً للخلاص وان اختلفت هذه السبل من واحد الى آخر.
وستبقى بعد هذا فئة قطعت كل امل لها في الخلاص، ورأت ان الدمار محقق، فكانت كتاباتها صرخات وآهات لا تبين كتلك التي تصدر عن انسان افقده الرعب صوابه حين رأى نفسه ينحدر نحو الهاوية ولا سبيل الى النجاة.