تلاحق الملفات اللبنانية رئيس مجلس النواب نبيه بري، حتى في زيارته الرسمية لرومانيا. وقبل ان تحط الطائرة في مطار بوخارست امس، وسط مناخ بارد وماطر ظل يمارس هوايته في السباحة في مياه السياسة الداخلية. ولم تخل الدردشة معه من روائح النفايات غير العطرة، في ظل عدم تمكن الحكومة من تطبيق خطة الوزير اكرم شهيب والتي تترنح على سيل من الخلافات من سرار في عكار الى ايجاد مطمر في السلسلة الشرقية في البقاع. وعند ابلاغه ان ثمة مناطق على غرار بعض الاماكن في المتن الشمالي باشرت الاستعداد لاستعمال المحارق بغية التخلص من كابوس النفايات، يفاتحك على الفور انه طلب من احد المتمولين التبرع لانشاء مثل هذه المحرقة في صور، ولا سيما بعد توجيهه أوامر تقضي بعدم مواصلة رمي النفايات في مكب رأس العين الذي تحول «جبلاً» في الاعوام الأخيرة. وكشف انه سيكرّر هذه التجربة مع متموّلين آخرين للتبرع لهذه الغاية في الجنوب ومناطق أخرى، بدل الغرق في هذا المستنقع. وتابع: «يا للأسف قصة الزبالة عندنا صارت زبالة، وجرى تقديم اكثر من اقتراح لتجاوز الاعتراضات وباءت كل المحاولات بالفشل. واذا استمررنا على هذا المنوال من المراوحة، فستصبح النفايا ت وعلاجها كالاستعانة بالمولدات الكهربائية لتظهر المحارق في البلدات والمدن».
وعند سؤاله عن «محرقة الحكومة»، أجاب: «في الاصل وضع الحكومة لا تُحسد عليه، وهو محروق». وعلى الرغم من الوضع الصعب الذي تجتازه لا يتوقع بري ان يقدم الرئيس تمام سلام على الاستقالة.
ويقوده هذا «الاطمئنان» لبقاء الحكومة، الى القول ان «الحوار مستمر بين الافرقاء وسيتواصل في 26 من الجاري، وهو الذي يشكل بارقة أمل، فضلاً عن الحوار المتواصل بين تيار المستقبل وحزب الله. ومن وجهة نظري يجب استمرار الحوارين، نظرا الى الايجابيات التي تنتج منهما، اذ يوفران مناخات من الاستقرار».
ويخاطب المشككين: «تخيلوا لو لم تكن طاولة الحوار موجودة في ظل هذه الموجات من الاحتقان والتنافر في الشارع. من هنا أؤكد مرة أخرى أهمية الحوار واستمراره وعدم الرجوع عنه».
ولا يزال بري يعول على تطبيق النسبية في قانون الانتخابات المقبل، «ولا احد يفكر في الهرب من هذا الأمر. سبق ان قدمت مشروعي على أساس 64 للقانون الاكثري و64 نسبي من المقاعد. وان طرحي يؤمن للمسيحيين مجيء 52 نائباً بأصواتهم، إضافة الى تأثيرهم على مقاعد نيابية تعود للمسلمين في دوائر أخرى». ويعبر عن ارتياحه الى قبول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بالنسبية. ولا يشأ الرد على بعض الاصوات النيابية التي تعترض عليها في صفوف كتلة «المستقبل»، والتي تربط القبول بها ببقاء سلاح «حزب الله».
من جهة أخرى، كشف بري ان اركانا في الحوار سألوه عن المواصفات التي يراها مناسبة ومتطابقة في شخصية رئيس الجمهورية، فأجاب: «أؤيد المواصفات التي تتفقون عليها».
ولم تخل الدردشة معه من التطرق الى الحراك المدني، ويذهب الى القول «لم يأخذ المشاركون في الحراك وقادته بالنصائح التي قدمناها لهم .
وما جرى في التظاهرة الأخيرة أمر غير مقبول، اذ تم الاعتداء على الفنادق وطالت اعمال الشغب شارع المصارف في وسط بيروت وشوّهت الارصفة وصورة العاصمة. هل هذا هو المطلوب؟».
وكان بري قد وصل الى بوخارست امس واستقبله نظيره الروماني فاليريو ستيفان زغونا ووفد من البرلمان والسفيرة رنا المقدم وحشد من السفراء العرب وأركان الجالية اللبنانية. واشاد في صالون الشرف في المطار بالعلاقات التي تربط البلدين على أكثر من مستوى، وأمل «ان استطيع من خلال هذه الزيارة ان اوقع اتفاق تفاهم برلماني بين البلدين للتنسيق في كل المجالات. وألبّي هذه الدعوة من بلد صديق، حيث تعود العلاقات بين البلدين على الصعيد التجاري الى نحو مئة عام، فيما العلاقات الديبلوماسية بدأت قبل خمسين عاماً تقريباً».
وعند مغادرته المطار وتوجهه الى مقر اقامته شكر السفراء العرب على قدومهم. وخاطبهم: «جيّد، على الأقل يبقى في امكاننا نحن العرب ان نجتمع ولو في الخارج».