باسكال عازار
ليس ما ستقع أعينكم عليه في السطور التالية ضرباً من ضروب الخيال، ولا هو نص روائي لكاتب بفكر جامح، بل هو جزء من نداء سماوي تشرح من خلاله العذراء مريم لأهل الأرض الأبعاد المخفية لحرب الشيطان على العالم، وتخفّيه بأقنعة الحروب والمذابح التي تدور في منطقة الشرق الأوسط. وتجهد العذراء لتضع حداً للشيطان واعدة العالم بربيع جديد من المحتمل وفق قراءات بعض الكهنة أن يبزغ فجره سنة 2017، وهو موعد انتهاء زمن محدّد تمرّ به البشريّة. ولكن ما الذي يعنيه انتهاء الأزمنة سنة 2017؟ وما الذي سيحلّ في هذا التاريخ؟ يجيب الراهب الماروني المريمي الأب مروان خوري عن كل هذه الأسئلة ويسلط الضوء على الدور الذي تقوم به العذراء في سبيل خلاص البشرية، كما يربط بين حوادث الواقع وأبعادها الماورائية، ليشكل كلامه المدعّم بشواهد من التاريخ في مقابلة اليوم، عبرة لمن يعتبر وفرصة إيمان لمن لا يؤمن.
ويعود خوري إلى البدايات ليسرد بتواريخ محددة تسلسل الحوادث ورمزيتها فيبدأ من رؤيا البابا لاون الثالث عشر «وهي رؤيا مثبتة كنسياً وموجودة في تاريخ وأرشيف الكنيسة. فقد شاهد البابا لاون في العام 1887 خلال احتفاله بالذبيحة الإلهية رؤيا، رأى فيها الشيطان ماثلاً أمام عرش الله ويطلب منه امتحان الكنيسة. سمح له الرب بذلك لمدة قرن أي 100 عام، وشاهد البابا ما الذي سيحلّ بالكنيسة من عذاب واضطهاد، فعرق وبكى وانسحب بعد قداسه واختلى في مكتبه حيث وضع الكنيسة تحت حماية مار ميخائيل». وأضاف «لم نعلم المدة أو الوقت الذي ستبتدئ فيها معركة المئة عام، لكن ما حصل أنه بعد 33 عاماً على الرؤيا، أي في 13 أيار 1917، ظهرت العذراء مريم على 3 أولاد في فاطيما وسلمتهم 3 أسرار كاشفة لهم عن مكنونات قلبها، وأعلمتهم أننا قادمون على ظروف صعبة جداً طالبة المساعدة لإنقاذ البشرية. ويقال بحسب البابوات إن حرب المئة عام بدأت بظهور العذراء في فاطيما والـ33 سنة التي تفصل بين رؤيا البابا لاون والظهورات ترمز إلى عمر يسوع».
زمن إبليس وأسرار فاطيما
يوضح خوري أن «العذراء ظهرت في العام 1917، وفي العام نفسه انطلقت ثورة لينين وستالين الشيوعية، وكما هو معلوم أن مضامين هذه الثورة موجهة ضد الكنيسة واسم الله في المجتمع، وقد ألغت هذه الثورة الله من أي مكان حكمت فيه في العالم. وبالعودة إلى سفر الرؤيا الفصل 12 من الإنجيل يقول النص «رأيت امرأة ملتحفة قبالتها تنين» وقد بدأ تحقق هذه الرؤيا خلال الحرب العالمية الأولى مع وقوف العذراء مريم بوجه الشيوعية ولا تزال هذه الرؤيا مستمرة اليوم فالعذراء لا تزال من خلال ظهوراتها في ميديغوريه تقف بوجه التنين».
ولفت إلى أن العذراء في فاطيما «أعطت الأولاد الثلاثة 3 أسرار موثقة بكتاب صادر عن مجمع العقيدة والإيمان، وهي أعلى سلطة كنسيّة تبتّ في كل الأمور الإيمانية في الكنيسة. وكان حينها راتزينغر المسؤول عن المجمع وقد أصبح لاحقاً البابا بندكتوس السادس عشر، وقد أصدر هذا الكتاب بطلب من البابا يوحنا بولس الثاني في العام 2000، وينشر فيه أسرار فاطيما كما كتبتها لوسي أحد الأولاد الثلاثة».
كشفت لوسي بطلب من العذراء سرّين فقط في البداية والسر الأول يحتوي على وصف دقيق لجهنم بعد أن أرت العذراء الأولاد الثلاثة جهنم وتقول لوسي حرفياً وبخط يدها «أظهرت لنا سيدتنا بحراً من نار وكأنه تحت الأرض، وفي هذه النار تغوص الشياطين والنفوس وكأنهم مجرات شفّافة لمّاعة بشكل بشري. كانوا يعومون فوق النار محمولين باللهيب المتدفق منهم مع سحب دخان، ثم يتساقطون كشرارات وسط حريق واسع المدى بدون ثقل وبدون اتزان مع صراخ وتنهّدات من ألم ويأس مخيفة ومرجفة من شدّة الهول. لكن الشياطين مميزون بأشكالهم المرعبة والباعثة إلى الاشمئزاز بأشكال حيوانات مروّعة وغير مألوفة، لكنها شفافة وسوداء. دامت الرؤيا هنيهة بفضل أمنا السماوية الطيبة التي سبقت فنبّهتنا ووعدتنا بأن تقودنا إلى السماء، وإلا أظن أننا كنا متنا من الرعب والخوف. بعد هذا رفعنا عيوننا إلى سيدتنا فقالت لنا بطيبة وحزن لقد رأيتم جهنم حيث تذهب نفوس الخطأة المساكين،ولكي يخلصها الله يريد أن يقيم في العالم العبادة لقلبي البريء من الدنس، فإذا عمل الناس بما سأقوله لكم تخلص نفوس كثيرة ويكون السلام وتنتهي الحرب».
كلام العذراء هذا كان خلال الحرب العالمية الأولى، ومن السرّ الأول دخلت إلى السر الثاني لتشرح للوسي: «لكن إذا ما برح الناس يهينون الله في أثناء حبرية البابا بيوس الحادي عشر، فسوف تبدأ حرب أشد منها بكثير. لكي أمنع تلك الحرب سآتي وأطلب تكريس روسيا لقلبي البريء من الدنس والمناولة التعويضية في كل أول سبت من الشهر، فإذا قبل الناس مطالبي هذه فسوف تهتدي روسيا ويحلّ السلام، وإلا فهي ستنشر أضاليلها عبر العالم مثيرة حروباً واضطهادات ضدّ الكنيسة. سيستشهد الصلاح والأب الأقدس سيتألم كثيراً وأمم عديدة ستدمّر وفي النهاية سينتصر قلبي البريء من الدنس والأب الأقدس سوف يكرّس روسيا لقلبي فيوهب العالم وقتاً من السلام».
ويشرح خوري «كان في إمكان العذراء إيقاف الحرب العالمية الثانية غير أن العالم لم يستجب لها، فوقعت الحرب وحصدت 56 مليون قتيلاً ودمّرت أمماً كثيرة وفي نهاية الحرب خرج منها نظامين الشيوعية والرأسمالية وقد أهلكا العالم واستعبدا الإنسان».
أوحت العذراء للوسي بالسرّ الثالث في 13 تموز 1917 وقالت لوسي: «رأينا أسقفاً لابساً أبيض وقد أحسسنا مسبقاً بأنه الأب الأقدس ورأينا أساقفة آخرين عديدين وكهنة ورهباناً وراهبات صاعدين إلى جبل وعر، وفي قمته كان ينتصب صليب كبير من جذعين خشنين وكأن قشرتهما من جذع سنديان. فالأب الأقدس قبل أن يصل جاز في مدينة كبيرة نصفها مدمّر، وفيما كان يرتجف ويمشي بخطى مترجرجة من التعب كان يصلي من أجل نفوس الجثث التي كان يصادفها على طريقه، ولما وصل إلى قمة الجبل سجد على ركبتيه عند أقدام الصليب الكبير، قتله جنود وأطلقوا عليه عدة طلقات من سلاح ناري وأسهم».
وشرح خوري تفاصيل السر الثالث قائلاً: «بقي السرّ الثالث غير مكشوف، وكان كل بابا يصل إلى السدة البابوية يقوم بقراءته ويعلم أن العذراء كانت تطلب تكريس روسيا والعالم، لكنهم كانوا يقيمون التكريس بطريقة خجولة حتى وصول البابا يوحنا بولس الثاني إلى السدّة البابوية واتخاذه قرار تكريس روسيا لقلب مريم. وقام عندها بتعيين 6 حزيران 1981 موعداً لتكريس روسيا والعالم لقلب مريم مع كل الأساقفة في روما. قبل أسابيع من الموعد وفي 13 أيار قام علي أقجا بإطلاق النار على البابا، و13 أيار هو كما سبق وأشرنا يوم عيد ظهورات فاطيما، فوقع البابا أرضاً بعد إطلاق النار عليه وكان من المفترض أن يموت، إذ قال أقجا بنفسه للبابا عندما قام بزيارته في السجن: «أنا قاتل محترف وكنت أصوّب المسدس إلى رأسك لكن لست أدري لم أصبت بطنك»، وقال البابا حينها إن «يد العذراء مريم أزاحت الرصاصة عن رأسي وسمحت بأن أتألم لا أن أموت». وسألوا لوسي بعد حادثة الاغتيال «هل إن الشخص المعني في الرؤيا هو البابا يوحنا بولس الثاني؟ فأجابت الأخت لوسي حالاً بالإيجاب وقالت كما قال البابا «هي يد أم قد وجهت مسار الرصاصة، فأوقفت البابا المنازع على عتبة الموت». وقام البابا بعد ذلك بزيارته الشهيرة إلى فاطيما ووضع الرصاصة في تاج تمثال العذراء مريم في فاطيما».
وفي ما يخصّ تكريس روسيا قال خوري: «لم يركع البابا أو يستسلم فقام بتسجيل صوته من المستشفى وطلب من العالم والأساقفة تكريس روسيا والعالم لقلب مريم وتمّ التكريس بإذاعة صوته في 6 حزيران. بعد التكريس وصل غورباتشوف إلى الحكم في روسيا، فأزال تماثيل لينين وأسقط الحكم الشيوعي وأعاد الحرية للكنيسة وزار الفاتيكان مع زوجته وسجدا أمام البابا طالبين منه السماح عما أصاب الكنيسة، وهكذا سقطت إمبراطورية الشر بعد التكريس. واستمر البابا منذ العام 1981 حتى الـ1985 يعيد إحياء التكريس سنوياً، وتقول لوسي لو لم يكرّس البابا روسيا لقلب مريم لكانت الشيوعية في العام 1985 ستشنّ حرباً نووية ولانتهت الحياة على الأرض».
العذراء تكمل في مديغوريه ما بدأته في فاطيما
مجدداً يوضح خوري الحوادث ويربطها بالتواريخ «ففي 6 حزيران 1981 تمّ تنفيذ السرّ الثالث وتكرس روسيا، وفي 24 حزيران 1981 أي بعد بضعة أسابيع فقط بدأت ظهورات العذراء في مديغوريه وقالت بنفسها «جئت أكمّل ما بدأته في فاطيما»، وقالت إن قلبها سينتصر وأن ظهوراتها في ميديغوريه هي الأخيرة. وها هي تظهر يومياً منذ 34 عاماً وتعمل من خلال الرسائل التي تمنحها للشهود على خمسة أمور وهي عودة الإنسان إلى التوبة، والمشاركة في القداس، وتلاوة المسبحة، وقراءة الإنجيل وتكريم يسوع في القربان، وقالت إننا بهذه الأسلحة نساعدها على إنقاذ العالم واستعادة السلام». وأضاف «إذا اعتبرنا أن العام 1917 كان بداية حرب الشيطان فنهايته ستكون في العالم 2017. إن العذراء تحضر البشرية لنهاية هذه الحرب الشيطانية، وإن كل هذه الأوجه التي نراها في العالم من مذابح وقتل وداعش وغيرها هي وجه من وجوه إبليس وانتصاره. وتقول العذراء في رسائلها سأضع حداً لذلك كرمى لمن تابوا وآمنوا».
في مديغورييه منحت العذراء مريم الرؤاة 10 أسرار وقد أرت الشاهدة يالينا في العام 1982 الحوادث التي تحصل اليوم في الشرق الأوسط. ويقول خوري مستشهداً بكتاب نداء من السماء الذي يورد رسائل سيدة مديغوريه: «في العام 1982 أرت العذراء يالينا 3 مشاهد، في المشهد الأول رأت شباباً يتعاطون المخدرات، وفي الثاني أبصرت معارك تدور حتماً في الشرق الأوسط وأناسًا يتذابحون، وفي الثالث أبصرت أماً سوداء العرق تحمل على ذراعيها طفلا يموت وسمعت الولد يسأل أمه هل جميع الناس مثلنا أماه؟ ولفظ أنفاسه مع لفظ آخر حرف». ويشرح خوري «المقصود بامرأة سوداء العرق التطهير العرقي الذي يحصل اليوم في المنطقة، والذي يذهب ضحيّته الطفل وكل الضعفاء الأبرياء. وأوضحت العذراء ليالينا أنها شاهدت ثلاثة وجوه من أوجه الخطيئة في العالم المعاصر، وثلاثة أوجه من وجوه انتصار الشيطان في العالم. وقالت يالينا: لم تشأ مريم أن تثير الرعب فكل نظرة كارثية غريبة تماماً عن روح العذراء، غير أن أم الله تريد أن تحذّرنا، وترغب أن نرى الواقع بوضوح لنتمكن من مداركته وربما من معالجته». وتقول العذراء «صغاري لا تخافوا إن صلّيتم لن يصيبكم الشيطان بأذى، لأنكم أبناء الله وأبوكم يسهر عليكم صلوا ولتظل السبحة بين أناملكم علامة يعلم بها الشيطان إنكم لي».
وتردّد العذراء لميريانا وهي شاهدة أخرى منحتها 10 أسرار وأوكلت إليها الإعلان عنها عندما يحين الوقت: «عفواً عما سأقوله لك ولكن يجب أن تعلمي أن الشيطان موجود، لقد مثل ذات يوم أمام عرش الله وسأله إخضاع الكنيسة للتجارب طوال فترة محددة، فسمح له الله أن يجرّبها على مدى قرن، وهذا القرن خاضع لسلطان إبليس لكن ما إن تتحقق الأسرار التي أمنتكم عليها سيغضب الله على سلطان الشيطان ومنذ الآن بدأ سلطانه يضعف وبدأ يأخذ مواقف عدوانية هجومية فيفسخ الزيجات، ويثير الانقسامات بين الكهنة، ويخلق الوساوس، ويحدث الاغتيالات. يجب أن تتحصّنوا بالصوم والصلاة خاصة بالصلاة الجماعية، وتسلّحوا بالشارات المباركة واحرسوا بها منازلكم، وعودوا إلى استعمال المياه المباركة». وأوضح خوري»بهذه الرسالة أكدت العذراء نبوءة البابا لاون».
وعمّا سيحلّ بالعالم سنة 2017 قال خوري: «المنتظر هو انتصار قلب مريم وليس نهاية العالم، بل نهاية زمن يحكمه الشيطان ستعيده العذراء إلى مكانه في جهنم، فهو اليوم يجول على الأرض، وما الذبح الذي نشهده والتفنّن في القتل إلا مظهر من مظاهر أعماله، وهو يريد أن يحصد العدد الأكبر من النفوس. لكن مريم تقول «لا أريد أن يأخذ معه أحدًا» غير أننا بحريتنا نختار الذهاب معه أم لا، لا يمكن للعذراء أن ترغمنا على اختيار ابنها،وهي أم تصرخ وتنادي،فمنهم من يفتحون قلبهم ويتجاوبون مع ندائها ومنهم لا». وأضاف «نحن ذاهبون إلى زمن جميل وتقول العذراء في إحدى رسائلها في مديغوريه «لقد أتيت لأسس لربيع جديد أنتم ستساعدوني في أن يحلّ هذا الربيع سريعاً أو أن يتأخر مجيئة». هي تظهر يومياً منذ 34 عاماً كان في إمكانها ربما أن تحقّق هذا الربيع في عام لكن ذلك يتوقف على عدد من اقتنعوا برسالتها وكلامها وعلى عدد من يساعدونها، هلموا نلبي نداء مريم».