العوامل التي ادت الى المطالبة بزواج المثليين..!!!
بقلم بيار سمعان
يتساءل الانسان العاقل لماذا تسعى مجموعات في الدول الغربية الى تشريع العلاقات الشاذة وفرضها على الرأي العام وكأنها امر طبيعي ومقبول ويحفظ الحريات، وان على الاكثرية ان تتكيّف وتتلاءم مع شواذات الاقلية من المثليين. ولماذا يجرى قمع الاكثرية ارضاءً لأهواء الاقلية النافرة؟
ويبدو منذ الوهلة الاولى ان عدداً من الدول الغربية بدأت تفقد الحيز الكبير من روحها الحضارية المبنية اساساً على الاخلاقيات. فالولايات المتحدة الاميركية وكندا واستراليا واوروبا بشكل عام لم تعد منطلقاً للمثل ومربعاً للايمان بعد ان شهدت انحداراً اوصل مؤخراً للمطالبة بتزويج الرجل من رجل آخر او امرأة من اخرى.
هذا التحول لم يحدث بين ليلة وضحاها، بل اتبع منحاً طويلاً من اعادة التثقيف والتربية والتفكك الاجتماعي كي يصل الناس الى مستوىً معين من الخضوع او اللامبالاة او العجز عن التمسك بالمثل الاخلاقية.
فالعديد من الامهات هنّ عاجزات امام قرار بناتهن القاصرات اللواتي ينتهين في المستشفيات لاجراء عمليات الاجهاض دون موافقة اهاليهن او علمهن..؟
وكم من الآباء في استراليا يشهد لهم حسن التصرف ومحبة عائلاتهم ارغموا على مغادرة منازلهم وعدم الاقتراب من افراد عائلاتهم لأنهم قاموا بتأديب اطفالهم العصاة؟؟
وكم من المرات تصدر محاكمنا قرارات واحكام تتجاهل فيه ضحية الاجرام ويأمر النظام الحاكم ببناء سجون فخمة مجهزة بأفضل التقنيات ووسائل الترفيه والملاعب احتراماً لمشاعر المساجين ويتساهل القضاء في شروط اخلاء سبيل مجرمين يشكلون خطراً على المجتمع…؟؟
مدارستنا تهاجم الاديان وتنتقد الله وتشجع على الاباحية وتروج للشذوذ الجنسي باسم الحرية واحترام خيارات الآخرين.
المحاكم العائلية تحولت مصدراً لقلة العدالة عندما تكافئ الامهات الزانيات وتمنحهن حق رعاية الاطفال وتلزم الوالد على دفع مبالغ طائلة من الاموال لرعاية الاطفال ومساعدة زوجة سابقة قررت العيش مع عشيقها على حساب زوجها ووالد ابنائها حتى يبلغ الطفل سن الرشد..؟؟
اسئلة عديدة تدخل ضمن هذا الاطار حول قرارات وقوانين اضرت بسلامة ووحدة المجتمع بعد ان تدخلت المؤسسات الحكومية في جميع تفاصيل حياة المواطنين وادق العلاقات العائلية
< الثقافة المركسية الجديدة
– بفضل الثقافة الماركسية الجديدة جرى تخريب وتدمير المؤسسات التي تبنى عليها المجتمعات الغربية، وبواسطة الاعلام جرى الترويج لمثل ومفاهيم جديدة فانخفض معدل الزواج بين الاجيال الجديدة وحلت المساكنة، كظاهرة بديلة، مكان الزواج، المؤسسة الاجتماعية والرباط المقدس، وانخفضت نسبة الولادات وتحولت المجتمعات الغربية تعاني من الغربة والعزلة والتفرد، بعد ان ارتفعت اسوار عديدة اهم واخطر من الاسوار التي تشير حول المنازل والملكيات الخاصة.
ان الغرب يواجه اليوم حضارة هي قيد الاندثار وثقافة على طريق الزوال.
لقد اصبح الادمان على افلام الجنس امراً شائعاً ومألوفاً ومصدراً للتثقيف الجنسي وتحديد العلاقة بين الناس، واصبحت العلاقات الجنسية غير المألوفة نمطاً حياتياً مقبولاً.
وتحولت محاكمنا المعنية مرتعاً لميول واهواء القضاة حيث تطبق الفلسفة الماركسية الجديدة وتتحكم بمصير المجتمعات نظراً للمنحى الالحادي لديها باسم التجرّد والموضوعية وفصل الدين عن الدولة.
قد يكون العالم الغربي يتمتع بالكثير من الثروة المادية لكنه فقد بالمقابل الكثير من الحرية الحقيقية والسعادة.
هذا الجنون ليس نابعاً من حركة التطور الانسانية الثقافية الطبيعية بل فرض على المجتمعات الغربية، وقد يفرض لاحقاً على العالم بأسره.
ان العالم الغربي يمر في هذه الايام بأزمة تختلف جوهرياً عن كل الاحداث التي شهدتها في وقت سابق.
في الماضي تغيرت المجتمعات ومؤسساتها ومعتقداتها الدينية تحت تأثير قوى خارجية او نتيجة لتطور بطيء داخلي في حركة النمو الاجتماعية.
لكن للمرة الاولى في هذه الايام تواجه هذه المجتمعات بطريقة ارادية وواعية احتمال حدوث تغيير اساسي في المعتقدات والمؤسسات التي يقوم عليها النسيج الاجتماعي والتكوين الحضاري. فالحضارة اليوم هي بالواقع مهددة في اصولها على المستوى التقليد والطبيعة وتدفع نحو اعادة تنظيم جديدة مصطنعة وميكانيكية وكأننا تحولنا الى مصنع اجتماعي جديد.
< مدرسة فرانكفورت
مدرسة فرانكفورت هي حركة فلسفية نشأت في مدينة فرانكفورت الالمانية سنة 1923 ، وبدأت في معهد الابحاث الاجتماعية. ومع وصول هتلر الى الحكم انتقلت الى جنيف ثم الى الولايات المتحدة.
وتأسست هذه المدرسة الاجتماعية الفلسفية على يد مجموعة من العلماء الالمان والاميركيين الذين طوروا وجهات نظر استفزازية للغاية حول نظرتهم للمجتمعات الحديثة والثقافة التي يجب الترويج لها. وبنى هؤلاء العلماء آراءهم على فلسفة وافكار هيغل وماركس ونيتشي وفرويد وويبر..
وانطلقوا في طروحاتهم من سؤال جوهري هو التالي: هل من الممكن ان تموت امة وتزول وهي على ارضها بدون عمليات التهجير او الغزو بل عن طريق السماح للانحلال الاخلاقي ان يضرب الأسس والمبادئ الاصلية التي يقوم عليها والتي تجعل هذا المجتمع على ما هو عليه؟
والجدير ذكره انه خلال المرحلة التي تلت الثورة البولشيفية (الشيوعية) في روسيا، كان قادة هذه الثورة يعتقدون ان ثورة العمال ستعم اوروبا ثم تنتقل الى الولايات المتحدة. لكن هذا لم يحدث.
وفي نهاية 1922 بدأت الحركة الشيوعية الأممية تبحث في الاسباب التي حالت دون قيام هذه الثورات. وبدعوة من لينين، عقد اجتماع خاص في معهد ماركس – انجلز في موسكو للبحث في الاثارالحقيقية للثورة الثقافية الماركسية.
وحضر ذاك الاجتماع جورج لوكاس، وهو ارستقراطي هنغاري متمول اعتنق الشيوعية بعد الحرب الاولى ومفكر ماركسي من المستوى الرفيع. اطلق خلال ذلك الاجتماع فكرة «الثورة الجنسية’» واستخدام الغريزة الجنسية كوسيلة دمار (للمجتمعات). واضاف مفكر آخر وهو ويلي مونزنبيرغ اقتراحاً يقضي بالاستفادة من المفكرين الغربيين وتنظيمهم واستخدام افكارهم وطروحاتهم لجعل الحضارة الغربية كريهة بسبب الفساد…» وفقط، بعد ان يعبث الفساد في هذه المجتمعات ونضرب كل مثلها الاخلاقية، بامكاننا تحقيق كامل لثورتنا.
مع وصول جوزيف ستالين الى الحكم، غادر لوكاس روسيا الى المانيا حيث عقد اول اجتماع لمفكرين وعلماء اجتماع عربيين لديهم ميول شيوعية.
هذا الاجتماع كان بالواقع منطلقاً لتأسيس مدرسة فرانكفورت، في معهد العلوم الاجتماعية.
في سنة 1923 انشئت هذه المدرسة الاجتماعية الفلسفية رسمياً على يد فاليكس وايل Weil 1898 -1975 وكانت اطروحة الدكتوراه التي تقدم بها تحمل العنوان التالي: «المشاكل العملية لتطبيق الاشتراكية».
ومن الشخصيات البارزة التي شاركت في هذه المدرسة كارل غرنبيرغ الذي طلب ان تكون النظرية الماركسية هي المنطلق لهذه المدرسة الفكرية الاجتماعية، والمفكر اليساري الملحد هربارت ماركوس الذي اصدر البابا بولس السادس حرماً بحقه، وماكس هوركهاينمر وتيودور ادورنو والكاتب ايريك فروم وليو لوانتهال وجوزف هابرماس.
وكان الطرح الجوهري يقوم على فكرة انه طالما الناس يؤمنون او لديهم الامل بالايمان وبالعناية الالهية التي تؤازرهم على معالجة المشاكل التي يواجهونها، عندئذ يصعب على المجتمعات ان تصل الى حالة اليأس والشعور بالغربة (الألينة) وهي شروط هامة ضرورية لافتعال الثورات الاشتراكية. لذا كان هدفهم الاول ضرب الكنيسة ومحاربة تعاليمها ومثلها وما تبشر به. ولكي تقوم بتنفيذ مخططاتها طلب الى مفكريهم وادبائهم وعلمائهم صبّ جام غضبهم على الكنيسة وتوجيه الانتقادات المدمرة الى كل معالم الحياة ومظاهر من اجل زعزعة المجتمع وتدمير ما دعوه النظام القمعي، اي المؤسسة الدينية في الغرب. وامل هؤلاء ان تنتشر آراؤهم وطرحاتهم كما ينتشر الوباء في العالم.
والى جانب الطروحات الماركسية، كتب احدهم انه يتوجب اللجوء الى تعميم ثقافة جديدة في الغرب تقوم على الامور التالية:
1- خلق وتعميم الجرائم العنصرية
2- الترويج للتغيرات (على مختلف المستويات) من اجل خلق البلبلة
3- تعليم الجنس والشذوذ الجنسي للاطفال
4- تقويض سلطة المدارس والمعلمين
5- افتعال هجرات سكانية ضخمة لتدمير هوية المجتمع
6- الترويج للادمان على الكحول
7- افراغ الكنائس (من المؤمنين)
8- فرض نظام قضائي يفقد ثقة الناس بسبب تحيزه ضد ضحايا الجرائم .
9- اعتماد الناس على الدولة والاعانات التي تقدمها.
10– مراقبة ولجم وسائل الاعلام للتخفيف من اثرها والتحكم بها.
11- تشجيع انهيار وتفكك العائلات
وعمدت مدرسة فرانكفورت الى الاستفادة من نظرية فرويد pausexualism وتعني حسب مفهوم فرويد الانجذاب الجنسي او الحب الرومانسي الاعمى دون النظر الى جنس الحبيب، وقد يكون الشخص مغرم بشخص من الجنس الآخر، او يمارس الجنس مع الأناث او الذكور على حد السواء Bisexual او ان يكون مثلي الجنس في ميوله Homosexual او حتى يعشق من خارج جنسه، كعشق الحيوانات وغيره.
لهذا قررت مدرسة فرانكفورت تشجيع البحث عن اللذة الجنسية واستغلال الفروقات بين الجنسين ودمار الادوار التقليدية بين الرجل والمرأة.
ولتدعيم مخططهم قرروا القيام بالخطوات التالية:
< مهاجمة سلطة الأب والتقليل من اهمية الدور المميز للأب والأم في التربية، ونزع حقوقهم من العائلة كمربين اولين لاطفالهم.. اي تعطيل دورهما في تنشئة الاطفال.
< الغاء الفروقات التربوية بين الصبيان والبنات
< الغاء اي دور سلطوي للرجل ودعم وتوسيع مجالات المرأة في قطاع العمل (يعطي استقلالية لها).
< اعتبار ان المرأة هي العنصر المغلوب على امره والطبقة المضطهدة في المجتمع.
وينهي موزانبيرغ بالقول:
سوف نجعل الغرب شديد الفساد حتى تنتشر رائحة فساده في العالم.
وتؤكد مدرسة فرانكفورت انه يوجد نوعين من الثورات: الثورة السياسية والثورة الثقافية. فالثورة الثقافية تحدث دماراً في الداخل.
لقد ادركوا خطورة هذا النوع من الثورات بعد ان ربطوا ظاهرة التجديد من خلال اعطاء اهمية لتغيير المفاهيم خاصة للعائلة، والتربية والاعلام والجنس والثقافة الشعبية.
يتبع (نهار الخميس)