زهير السباعي

 بات من شبه المؤكد أن المنطقة دخلت في أُتون حربٍ دينية مذهبية طاحنة فوق الرمال العربية المتحركة، تنفجر هنا وتخبو هناك كفعل وردة فعل -كر وفر- لكننا بكل تأكيد نشهد تمددها لتطال الجزيرة العربية وما الأحداث الأخيرة التي استهدفت مسجداً وحسينية إلا بوادر ومؤشرات لها دلالاتها وتحمل بصمات أجهزة المخابرات الإيرانية بلا أدنى شك، كما تشهد مصر-أم الدنيا- غليان تحت السطح وما تعرض له السيسي من إهانة خلال زيارته لألمانيا-مثل حادثة الزبيدي مع المالكي- لدليل قاطع على حجم الاحتقان الداخلي في مصر ومن المؤكد ان تتوسع دائرة الأحداث لتضرب السودان والمغرب العربي برمته، هذه الظواهر جميعها مركزها الاستراتيجي والدامي سورية دون ادنى شك او تردد فسورية أضحت القاعدة الأساس لإيران وبؤرة الصراع ، ومن الواضح أن إدارة اوباما متفقة تماماً مع إيران الفارسية على لعب هذا الدور في الدول العربية فمنذ فترة قريبة ماضية زار ضابط أمريكي متقاعد النظام السوري وطلب منه التنسيق مع حزب الله وقاسم سليماني فاستطاعو أن يحركو داعش لضرب الثوار في شمال حلب  وجرهم من إدلب وجسر الشغور وأريحا وفي ذات الحين تم حشد أكثر من 15 الفاً من الجنود المرتزقة بجانب بقايا جيش ابو شحاطة في منطقة جورين لبدء معركة الهجوم لإستعادة السيطرة على إدلب وجسر الشغور وأريحا والهدف استراتجي وغاية في الأهمية وهو إبقاء المعارك في أرض الثوار وإلهائهم بمعارك جانبية لكي لايتسنى لهم فتح معركة الساحل والتي تعتبر بلا أدنى شك هي معركة الحسم وليست دمشق كما يتوهم او يتصور البعض والدليل الجميع يعرف ماحصل قبل سنتان ؟

الادارة الامريكية متورطة حتى النخاع مع إيران الفارسية ضد تطلعات الأمة العربية بأجمعها – مؤتمر كمب ديفيد الاخير- في حال استطاع الثوار وبعملية التفافية مع توفر الامكانيات بضرب التجمع الضخم للمرتزقة في جورين والقضاء عليه وإبادته قبل بدء هجومه المرتقب يكون الثوار قد اخذو زمام المبادرة وحققو نصراً مؤزراً واحبطو مخططات سليماني برمتها، والملاحظ أن جرائم النظام السوري تغيب عن الإعلام الغربي بقصد وبشكل متعمد ومرخص له -البراميل وغاز الكلور مستمر- دون رادع من مجلس الأمن المعطَّل ومؤسساته، ولازال البعض من المعارضة السورية يعيش في الأوهام في حالة أشبه ماتكون لانفصام الشخصية عن الواقع، فما كان يصلح في بداية الثورة لم يعد يصلح بعد سنة من اشتعالها وماكان يصلح في السنة الثانية لم يعد يصلح في السنة الثالثة وهكذا،فاليوم وصلت الأحداث إلى مرحلة اللاعودة واللاحل كما تشتهي معارضة فنادق الخمس نجوم في اسطنبول الموجهة بالريموت كنترول الغارقة في الأوهام والجهل وقراءة الاحداث بشكل سطحي وغير مهني وهذا ماظهر يوم الجمعة الماضي عندما التقى الائتلاف بدي ميستورا مبعوث الامم المتحدة لسورية في اسطنبول وفشل اللقاء واليوم يطالب الائتلاف الجامعة العربية بعقد إجتماع طاريء لوزراء الخارجية العرب لبحث التدخل السافر لميليشيا حزب الله اللبناني في سورية -مع العلم بأن الحكومة اللبنانية كانت قد اتخذت قراراً بالنآي عن نفسها بما يحصل في سورية – وتحويل الملف إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي يأتي هذا الطلب قبل ايام من بدء مؤتمر القاهرة 2 الذي استنكف الائتلاف عن حضوره

نحن الآن أمام حقيقة جديدة وواقع جديد وهو ان المنطقة بأكملها سيعاد تشكيلها على أنقاض وأطلال حرب دينية مذهبية وربما استشعر جعجع وعون ذلك فكان اللقاء المفاجيء والغير معلن بينهما لتجنيب لبنان تيسونامي الحرب الدينية والمذهبية التي لن تترك حجراً على حجر الا ودمرته وحتى اتفاقيات سايكس بيكو انتهت مدة صلاحيتها وأكل الدهر عليها وشرب ، المنطقة بحاجة إلى إعادة تأهيل وإعادة ترسيم جديد للحدود والسؤال المطروح من سيقوم بذلك ؟ طبعاً الاستراتيجية الدولية هي التي ستقوم بهذا الدور كونها تسيطر تماماُ على مجرى المعارك العسكرية وسيتم ذلك وفق مخططاتهم وحساباتهم لكن بكل تأكيد ستخفق وستنهار جميع تلك المخططات لأن الشعوب العربية سوف تتولى معالجة الواقع بعد أن فشل حكامها الذين لم يستطيعوا يوما ما أن يفكرو إلا وفق إيحاءات وأجندات خارجية ولم يعملو على بناء مشروع حقيقي تلتف الشعوب العربية حوله فإخفاق الحكام سيجعل الشعوب هي من سيتصدى لتلك الاستراتيجية ولهذه المخططات بحكم المنطق، الأمر الذي من خلاله ستعود الأمة وتبعث من جديد ولكن الثمن سيكون باهظاً جداً والمشهد سيكون مروعاً ويفوق كل تصورات العقل الانساني.