هل حقاً «ان الدنيا بألف خير، ولا حاجة لإعلان التعبئة العامة»، كما أعلن الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله؟ لا أحد سواه في لبنان يقول إن الدنيا بألف خير. كثيرون يتحدثون عن «الشر المستطير». إذا لم تحدث معجزة دبلوماسية ما، وتعمل على تفكيك أزمات المنطقة التي ترخي بظلالها الثقيلة على الساحة اللبنانية.
مع ان نصرالله تحدث الأحد، وسبقه إلى ذلك رئيس التيار الحر ميشال عون الذي رفع لهجته أيضاً، وقال: «نحن من يعين رئيس الجمهورية وقائد الجيش، ومن لا يعجبه ذلك فليضرب رأسه بالحائط»، فإن كلام الاثنين شغل الأوساط السياسية التي تساءلت ما إذا كان ذلك دليل قوة أم ضعف، وبعدما أعلن نصر الله انتشار الحزب على كل الجبهات الملتهبة في المنطقة.
النووي الإيراني و “التفاؤل”
جهات دبلوماسية تعتبر ان تصعيد نصر الله ليس ناجماً عن وضع الجبهات (الذي لا يدعو إلى التفاؤل)، بل عما يتسرب من معلومات من طهران بأن المحادثات السرية الناشطة بين الولايات المتحدة وإيران قطعت شوطاً بعيداً لتوقيع الاتفاق النووي آخر يونيو.
أجواء الحزب تتحدث بالطريقة التي توحي بأن الاتفاق سيكون له تداعياته (الاستراتيجية)، فيما يرى مسؤولون في قوى 14 آذار ان هذا يستند إ?ى تخمينات فحسب، فهناك عقبات كثيرة، آخرها القانون الذي سنه الكونغرس، وبالتالي فالأمور تسير في اتجاه معاكس لرهانات «حزب الله»، حتى ان الرئيس سعد الحريري سأل نصر الله «إلى أي هاوية تأخذون لبنان»؟
نار تحت الرماد
النار تحت الرماد في عرسال وجردوها ومخيماتها. الأمين العام للحزب حاول تطمين أهالي البلدة.. كلمة الوضع المذهبي دقيق، ولا أحد يتوقع مدى الانعكاسات الدراماتيكية لأي عملية عسكرية. فالجرود ليست معزولة عن المخيمات التي يتواجد فيها نحو مئة ألف سوري يتعاطف الكثيرون منهم مع فصائل المعارضة.
استطرادا، فإن اندلاع المعركة، وهو الأمر المؤكد بحسب نصر الله، يعني ان النيران لن تنحصر في الجرود، بل ستمتد الى داخل عرسال.
والمثير ان سياسيين يسألون عما إذا كانت اللغة الواثقة، التي استخدمها نصرالله، قد تخفي تغطية دولية لمعركته، وهو الذي قال «ان داعش بات في حضن الجميع وعلى أبواب الجميع».
الخارطة الاستراتيجية تتبدل
القبس، التي قصدت بعض النقاط الحساسة في البقاع، لاحظت ان العمليات العسكرية أحدثت تعديلات كبيرة في الخارطة الاستراتيجية، فالمعابر باتجاه سوريا اما انها أقفلت أو أصبحت في مرمى النار، وآلاف المسلحين المحاصرين يجدون أنفسهم أمام خيار وحيد، وهو الاندفاع اما نحو بلدة عرسال أو رأس بعلبك، وهو ما يهدد بتوريط الجيش اللبناني في المعركة.
وأمس صرح عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري ان نصرالله كان واضحاً في خطابه من انه يبذل قصارى جهده لانقاذ نظام الرئيس بشار الأسد، و»نحن في كتلة المستقبل نبذل أقصى جهدنا لانقاذ لبنان، وهذه نقطة الخلاف».
وأشار الى ان كلامه عن عرسال «يعرّض السلم الأهلي للخطر ويأخذ البلد إلى المجهول».
يزبك: هي أرض لبنانية
بدوره، قال رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك «نريد ان نبيّن ان عرسال أرض لبنانية، ونسأل هل هي أرض محتلة، وهل ان جرودها بيد أهلها أم بيد الوافدين من الإرهاب والقاعدة وداعش؟».
وتساءل: «أتريدون ان نُذبح في بيوتنا وتنتهك أعراضنا؟».
واستغربت «الجماعة الإسلامية»، وهي الجناح اللبناني لـ»الإخوان المسلمين» موقف السلطة من عرسال، ففي حين يتم اعتقال وملاحقة أي مواطن يتحرك في جرود البلد، سواء كان لبنانياً او سورياً، تغضّ الأجهزة الأمنية الطرف عن القوى التي ترسل ميليشياتها الى الداخل السوري مما استدعى نشوء وتوسع «داعش» في الداخل السوري.
من جهة أخرى، قال وزير العدل أشرف ريفي «ان الشعب اللبناني دفع أثماناً باهظة لاحتضان المقاومة، التي تحولت الى ميليشيا تمارس أبشع أنواع الإجرام بحق الشعب السوري لمصلحة مشروع فارسي توسعي مذهبي يسعى الى نشر الإرهاب».