شاع الحديث عن «معركة القلمون»… بين الجميع في «البازار» الإعلامي منذ بداية فصل الشتاء، وبنيت عليها عشرات السيناريوات والقصص والمواعيد الافتراضية، وسربت معلومات متعمدة عن معركة حتمية بين المجموعات المسلحة المنتشرة على طول السلسلة الشرقية الحدودية مع الأراضي السورية، والجيش اللبناني ومسلحي «حزب الله» من الجهة اللبنانية، والجيش السوري من الجهة السورية.
المؤكد ان حامي سياج الوطن الذي عمّد ارض البقاع بدماء شهدائه لحماية القرى والبلدات الحدودية منذ بداية انتشار الارهابيين الذين حاولوا مراراً التقدم، لن يقف مكتوفاً في حال حاولت المجموعات المسلحة التقدم في اتجاه هذه البلدات والقرى. وقد حرص طوال الأشهر الماضية على تحصين الحدود، وحقق نجاحات لا يستطيع أحد إنكارها، بعد تمكنه من تكبيد المجموعات المسلحة خسائر بشرية، وسيطر على تلال مهمة كانت تحت سيطرتها، وشكل جداراً وقائياً منيعاً على طول هذه القرى ولا سيما منها جرود القاع وراس بعلبك والفاكهة وعرسال.
ومع تحول الطقس الى الربيعي – الصيفي، بات الأهالي يتساءلون عن موعد انطلاق صافرة «معركة القلمون»، وتسيطر عليهم حال من الحذر والترقب، في انتظار ما ستؤول اليه الأمور، ويرون ان هذه المعركة باتت حاجة ملحة لإنهاء الحالة الشاذة على أطراف البلدات والقرى، حيث ينتشر ألوف المسلحين ويعبثون بجرودها ويهددون املاكها، ويزرعون الرعب بين سكانها في بعض الأحيان.
اليوم، بات واضحاً مما يشاهده الأهالي ميدانياً من تحضيرات غير مسبوقة وظاهرة للعيان، لمختلف أنواع الأعتدة العسكرية واللوجستية، يقوم بها «حزب الله» الذي يعتبر الجرود البقاعية في السلسلة الشرقية «خاصرة» تحميه، أن موعد المعركة بات قريباً. ويبقى قرار إطلاقها في يد القيادة العامة للحزب التي تأخذ في الاعتبار تحديات عدة قد تواجهها، أبرزها ملف العسكريين المخطوفين، والثغر الامنية داخل الاراضي اللبناني، تخوفا من تحرك خلايا ارهابية نائمة قد تلجأ الى عمل إرهابي في الداخل، من دون ان تخفى تعزيزات الجيش اللبناني في مواقعه المنتشرة على اطراف القرى، ورفع جهوزه واستدعاء وحدات خاصة ونشرها.
وتقدر مصادر أمنية عدد المسلحين الإرهابيين في السلسلة بقرابة 2500، بعدما التحقت خلال الأشهر الأخيرة غالبية التنظيمات الاسلامية بتنظمي «داعش» الذي تنتشر غالبية مقاتليه بين فليطا وعسال الورد السوريتين امتداداً الى القلمون الشرقي من الجهة السورية، و»جبهة النصرة» الأقدر على المواجهة، لامتلاكها العدد الأكبر من المسلحين. علماً ان التنظيمين يواجهان خلافات داخلية بين الحين والآخر، لأسباب مادية في معظمها، وآخرها وقع صباح أمس في محلة وادي الخيل في جرود عرسال.
ولوحظ في اليومين الأخيرين تقدم مقاتلي «حزب الله» في اتجاه مناطق عدة، بعدما تبين خلوها من المسلحين وخصوصاً في جرود طفيل وبعلبك والصفدي، وأطراف محلتي الخشع والجبة. ورجح أن يكون تراجع المسلحين منها للتمركز في مناطق أكثر تحصينا، حيث كانت تقام فيها المكامن من الطرفين. اما المناطق التي تشهد أكبر تمركز للمسلحين هي: اودية قارة، ميرا، المشتل، الكرم وعلي، إضافة الى تل موسى وجرد راس معرة وفليطا المتاخمة لعرسال.
ويبقى الأمل في التوصل الى تسوية بين الطرفين تقضي بخروج المسلحين من منطقة القلمون، وحل قضية العسكريين المخطوفين. وقد تكون التحضيرات عاملاً للتعجيل في الحلول والحؤول دون إهراق دماء قد لا تعرف حجمها بين الأطراف كافة. فطبيعة المنطقة الجبلية لن تحسم المعركة بالشكل العاجل إن بدأت، لأن وعورتها تجعل التقدم بطيئاً، وتكون المعركة على شكل قضم للمعابر والتلال الاستراتيجية من كل الجهات.