بقلم بيار سمعان
في 19 آب اطلق قداسة البابا فرنسيس تصريحاً قد يكون بمثابة نبوءة عندما اعلن انه سيعيش حوالي سنتين او ثلاث ثم يغادر هذا العالم الى «منزل ابي السماوي» جاء هذا الاعلان خلال عودته في الطائرة من زيارة قام بها الى كوريا الجنوبية.
فهل تحسس البابا فرنسيس انه لن يعيش طويلاً ام انه اراد ان يوصل رسالة تحذيرية ان ما سيشهده العالم خلال السنوات المقبلة سيكون شديد الخطورة ويهدد سلامته والسلم في العالم؟ وهل ستكون حبريته قصيرة لأن قوى خفية تسعى للتخلص من الكنيسة الكاثوليكية كمقدمة للقضاء على سائر الاديان؟؟
الأمر الآخر اللافت هو ما يحدث في الشرق الاوسط بنوع خاص والعالم الاسلامي بشكل عام. من دول شمال افريقيا الى العالم العربي، مروراً بايران وتركيا ووصولاً الى باكستان واندونيسيا وموقفها المتشدد من مسألة تنفيذ حكم الاعدام بحق ثمانية اشخاص معظمهم من دول اجنبية، رغم كل الوساطات وطلب الرأفة بهم والضغوطات لعدم اعدامهم.. فهل من ترابط بين عملية الاعدام رمياً بالرصاص واعمال القتل والذبح التي تقوم بها قوات «داعش» ضد من لا يلتحقوا بصفوفهم او يؤيدوا طروحاتهم العقائدية المتطرفة؟
وهل اصبح القتل امراً مقبولاً في هذه المرحلة لأن الآتي هو اعظم وعلى العالم ان يعتاد على رؤية الدم ويتقبل من الآن وصاعداً مبدأ القتل ويعتاد على رؤية الدمار والجثث الملقية في شوارع المدن المهدمة…؟؟
فهل نحن اليوم في المراحل الاولى من حرب عالمية ثالثة؟
للاجابة على هذا السؤال، باعتقادي يجب العودة الى شخصية اميركية تعتبر هامة في هذا المجال. البيرت بايك 1809 – 1891 كان المدعي العام في اميركا، وضابطاً في قوات الاتحاد، وكاتباً وماسونياً من الدرجات العالية كما كان صحافياً ومحامياً.
سنة 1859 انتخب القائد الاعلى للمحافل تقديراً لمعلوماته الواسعة ولخدماته للمحفل السكوتلندي وضع عدة مؤلفات في اخلاقيات وعقيدة المحفل السكتولندي ويعتبر من الشخصيات المؤثرة في المحافل.
لكن اي تكمن اهمية البير بايك؟
وما علاقته بما جرى ويجري من احداث في العالم؟
في آب من سنة 1871 بعث البيرت بايك برسالة سرية وخطيرة الى زميله في المحفل في روما جيوزيبا مازيني. وقد نشرت للمرة الاولى بعد الاجتياح الاميركي للعراق ويعاد نشرها بعد انطلاق ظاهرة «داعش» دولة الاسلام.
ويدعي بايك انه تلقى هذه المعلومات التي اوردها في رسالته من «الروح الملهمة» الخاصة به. وقد عرضت النسخة الاصلية في مكتبة المتحف الوطني في لندن، وقام ويليام غي كار بنسخها، وهو ضابط في مخابرات البحرية الكندية. ويعتقد اخصام روبيرت بايك ان «الروح الملهمة» التي تحدث عنها هي روح الشرير الذي يستخدم الاجراء من الجنس البشري للتحكم بسياسة العالم والاحداث الدولية للسيطرة بواسطتهم على العالم وكل العباد. وفرض ملكه…وتتحدث الرسالة الوثيقة (منذ سنة 1871) عن ثلاث حروب عالمية يأتي روبرت بايك على ذكرها بالشكل التالي:
الحرب العالمية الاولى يجب ان تفتعل لكي يتمكن «النورانيون» من الاطاحة بسلطة القياصرة في روسيا وتحويل تلك البلاد الى قلعة للالحاد الشيوعي.
ويتم استخدام الخلافات الناجمة من تضارب الافكار والاشاعات التي يصدرها العملاء من المتنورين بين الامبراطوريتين البريطانية والجرمانية (الالمانية) لتأجيج هذه الحرب. في نهاية الحرب، سيتم بناء الشيوعية واستخدامها لتدمير الحكومات الاخرى ومن اجل اضعاف الاديان…»
ويدرك المؤرخون ان التحالف السياسي البريطاني من جهة والالماني من جهة اخرى والذي تشكل بين سنة 1871 و1898 قام بتنفيذه احد مناصري بايك ، وهو اوتوڤون بسمارك، وهذا ساعد في اشعال الحرب العالمية الاولى.
وتتابع الوثيقة الرسالة:
الحرب العالمية الثانية التي يجب ان نغذيها عن طريق استغلال الخلافات بين الفاشيين والصهيونية السياسية ( يجب الملاحظة ان كلمتي فاشيين وصهيونية سياسية لم تكونا بعد من المصطلحات المألوفة في علم السياسة عند كتابة النص سنة 1871 مثل عبارة النازية التي تستعمل لاحقاً…)
هذه الحرب يجب توجيهها بحيث يتم تدمير النازية وان تكون الصهيونية السياسية قوية بما يكفي لاقامة دولة اسرائيل ذات سيادة في في فلسطين.
خلال الحرب العالمية الثانية يجب ان تصبح الشيوعية العالمية قوية بما فيه الكفاية من اجل تحقيق توازن مع العالم المسيحي الذي يجري ضبطه والتحكّم به ووضعه تحت المراقبة حتى يحين الوقت لاطلاقه عندما نحتاج الى افتعال الكارثة الاجتماعية النهائية .
ولنتذكر كيف تحوّل الاتحاد السوفياتي الشيوعي الذي تحالف مع الدول الرأسمالية للقضاء علىالنازية انتهى به الامر بعد ضم دول اوروبا الشرقية اليه من اقامة الستار الحديدي حول امبراطوريته الملحدة وفرضت اجواء ما دعي بـ «الحرب الباردة» بين الشيوعية والرأسمالية، وتحكم الطرفان بعامة الشعب. وقد جرى دعم الشيوعية بواسطة اموال الرأسمالية لضم الدول الضعيفة تحت سيطرتها. ففي سنة 1945 وخلال مؤتمر بوتسدام بين الرئيس الاميركي ترومان وتشرشل وستالين قدم زعماء الغرب قسماً من اوروبا للاتحاد السوفياتي، كما جرى، بعد استسلام اليابان، في الجهة الاخرى من الكرة الارضية، الى تمدّد الشيوعية وسيطرتها على الصين.
على كل كتب التاريخ تذكّر الكثير من التفاصيل حول الحربين العالميتين وانعكاسها على سياسة العالم والتقسيمات الجغرافية فيه. لنرى ماذا يقول بايك عن الحرب العالمية الثالثة التي اعلن هنري كيسينجر مراراً انها قد بدأت ونحن في مطلعها.
الحرب العالمية الثالثة يجب تغذيتها عن طريق الاستفادة من الخلافات الناجمة عن عملائنا المتنورين بين «الصهيونية السياسية» وقادة العالم الاسلامي. يجب ان تُدار الحرب بطريقة يقوم فيها العالم (العربي) الاسلامي والصهيونية السياسية (دولة اسرائيل) بتدمير بعضهما البعض. وفي نفس الوقت تكون سائر الدول مقيدة ومهيأة للقتال بشكل واسع يؤدي الى ارهاقها بالكامل، مادياً ومعنوياً واخلاقياً وروحياً واقتصادياً.. ونطلق العنان للقوى العبثية والملحدة.
وسوف نفتعل كوارث اجتماعية هائلة في فظاعتها لكي تظهر بوضوح لدى الأمم آثار الالحاد المطلق، سبب كل عمل وحشي وانه مفتعل الاضطرابات الاكثر دموية… مما يدعو الى ابادة واستئصال هذه القوى المدمرة ويهب كل المواطنين للدفاع عن انفسهم للبقاء على قيد الحياة. فيعم سفك الدماء في كل بقاع الارض، ويثور الناس على الاديان وعلى المسيحية التي تصبح دون قيادة موجهة بعد ان خاب امل الناس منها، اذ ان «الروح الالهية» قد تخلت عنهم وفقد الناس كل توجه ديني ووقعوا في الفراع الروحي وهذا يدفعهم للبحث عن عقائد جديدة وتقبل اي معتقد ديني بديل.. عندئذ سيتقبلون النور الحقيقي من خلال الظهور الكوني والتعبير عالمياً عن العقيدة النقية لـ «لوسيفير» (وتعني حرفياً حامل النور) (اي ابليس). وتعمم هذه العقيدة الدينية الجديدة على جميع الأمم. هذا التعبير سوف ينتج عن ردود الفعل بعد دمار المسيحية والالحاد معاً خلال نفس الحقبة الزمنية (وتحل مكانه ديانة ابليس).
منذ احداث 11 ايلول 2001 وتضارب الآراء حولها، يسود منطقة الشرق الاوسط والعالم حالة من عدم الاستقرار وزيادة القلق بين العرب المسلمين واسرائيل، خاصة بعد ان دخلت ايران، الجمهورية الاسلامية على لائحة المهددين للكيان الصهيوني في اسرائيل زيادة حدة اللغط حول المفاعل النووية. هذا التوتر ينسجم مع مشروع اطلاق الحرب العالمية الثالثة والتي ستنطلق شرارتها بين القوتين وبين مؤيديهما من الطرفين..
هذه الحرب يبدو انها بلغت المراحل الاولى، ولم يبق سوى الانفجار الكبير.. فهل يقع هذا الانفجار مع نهاية حياة البابا فرنسيس او هل يجري اغتياله لخلق حالة من الاحراج والرفاغ ودفع العالم المسيحي للانخراط في اللعبة الدولية، وهل المطلوب من قوات «داعش» الآن تكريس الهوة بين الشرق الاسلامي والغرب «المسيحي» وتعميم ثقافة الموت الآتي على صهوة حصان اسود قبل ان يصل على متن الصواريخ النووية الموجهة؟؟
مَن يعش يرَ!