أحيت الطائفة الأرمنية في لبنان الذكرى المئوية للإبادة، بمسيرة ضخمة ضمت عشرات الآلاف وقطعت الأوتوستراد الساحلي نحو ساعتين، وسط إجراءات أمنية شديدة للجيش وقوى الأمن.
وانطلقت المسيرة من الكاثوليكوسية في انطلياس حيث أقيمت الصلاة في اتجاه ملعب بلدية برج حمود، بدعوة من الأحزاب الأرمنية الثلاثة الهنشاق والطاشناق والرمغفار. ورفع المشاركون أعلام لبنان وأرمينيا والأحزاب الثلاثة ولافتات كتب على بعضها «الجرائم ضد الانسانية لا تسقط بمرور الزمن. ما زلت أتذكر وأطالب».
واستتبعت المسيرة بمهرجان خطابي في ملعب بلدية برج حمود، حضره ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي بزي، ممثل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وزير السياحة ميشال فرعون، ممثلة الرئيس ميشال سليمان الوزيرة السابقة منى عفيش، ممثل الرئيس أمين الجميل النائب إيلي ماروني، ووزراء ونواب حاليون وسابقون وشخصيات سياسية وروحية وحزبية واجتماعية.
وألقى رئيس الهنشاق لايكسان كوشكريان كلمة قال فيها: «نجتمع لنتذكر المليون ونصف المليون بريء الذين تعرّضوا للتهجير والإبادة، لأنهم انتفضوا على الحكام الظالمين، ليقرروا مصيرهم في ظل دولة مدنية، قوانينها إنسانية».
وسأل: «هل هناك حق أبسط من حق الشعوب بتقرير مصيرها على أرضها؟». وأشار الى أن «جمعية الاتحاد والترقّي اغتنمت فرصة الحرب العالمية لإبادة الأرمن أو التتريك بالقوة»، مشدداً على أن «ما قام به الاتحاديون الأتراك جريمة إبادة جماعية». ولفت الى أن «النظام التركي ينفق عشرات الملايين لتسويق الإنكار داخل تركيا أو خارجها، وأن الامعان في الانكار سيغرق تركيا في وحول العار، وسيعمّق الهوة بين تركيا والشعوب والهيئات التي اعترفت بالإبادة».
وقال: «نحن ثوار حق ضد الظلم والاستعباد، وثورتنا ليست موجهة ضد الدين الإسلامي الحنيف بل ضد من يستغلكم ويتاجر بالأديان والشعور القومي ليظل قابعا على عرش من ذهب ويحلم باعادة سلطنة مضى عليها الدهر».
بدوره، أكد رئيس حزب الرمغافار ميكايل فاهيجيان ان «حكاية الذين ماتوا ظلما وقهرا وتهجيرا، لن تموت». وسأل: «لماذا نصر على إحياء هذه الذكرى؟ للانتقام؟ وهل نحلم بوضع القتلة في السجون؟ لقد مات القاتل بعد القتيل، ولا مجال للعدالة المباشرة اليوم، ولن نذهب بالطبع الى نبش القبور ورفع المشانق للجثث… لسنا نحن من يفعل ذلك، لم تعلمنا حضارتنا الا السلام». وقال: «على العالم أن يعترف بالابادة الارمنية على يد السلطات العثمانية، ويجب دفع التعويضات لشفاء الذاكرة». لن ننسى ولن نسامج (…)».
أما الامين العام لحزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان، فقال: «لقد شرفني وكلفني دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نيبه بري ان أؤكد ان الرئاسة كانت ولا تزال على موقفها من قرار المجلس الصادر في 17 ايار 2000، وتم ابلاغه الى جمهورية أرمينيا بتبنيه. نحن إذ نشكر دولة رئيس المجلس على موقفه المشرف، نثمن ايضا موقف مجلس الوزراء ورئيس الحكومة الاستاذ تمام سلام بتضامنهما مع الشعب الارمني والموافقة على قرار معالي وزير التربية اعلان يوم لتعطيل المدارس في لبنان. كما نشكر كل الاحزاب والهيئات والشخصيات التي تضامنت مع الطائفة الارمنية في لبنان». وأضاف: «في زمن الصمت الرهيب والعدالة المزيفة، في زمن انكار الحقيقة وغياب الذاكرة الجماعية، في زمن ارتكاب الجرائم باسم الدين واستغلال الدين لمصالح سياسية وتوسعية واقتصادية فاحشة متوحشة، في زمن الهروب من تحمل المسؤولية ورفض معاقبة المجرمين، نجتمع اليوم لنتذكر. نجتمع نحن ضحايا الجريمة، ضحايا الابادة، ضحايا الصمت الدولي، ضحايا مصالح الدول التي تتحدث عن الديموقراطية والعدالة وتشن الحروب باسم حقوق الانسان والشعوب ولا تزال تحتل وتقتل وتسمح للآخرين بارتكاب أبشع الجرائم بحق شعوب ذنبها الوحيد رفض الرضوخ». وطالب «تركيا بالاعتراف بمسؤوليتها ازاء جريمة الابادة من اجل تحقيق العدالة وتعويض الخسائر البشرية والسياسية والمادية والمعنوية والجغرافية. فعلى دول العالم وعلى تركيا اليوم وهي الوريثة الشرعية بواجباتها وحقوقها للسلطنة العثمانية ونظام الاتحاد والترقي، مسؤولية كبيرة في اعادة انعاش الذاكرة الجماعية والمصالحة مع تاريخها وماضيها، فالجريمة التي نتذكرها نحن ابناء الشعوب المضطهدة من الارمن والسريان والكلدان والاشوريين واللبنانيين والعرب والاكراد لا تتكرر الا اذا تمت معاقبة المجرم وتعويض جرائمه. ان السكوت عن جريمة هو جريمة بذاتها».
واضاف: «نجتمع لنتذكر ونطالب الدول العربية بأن تعترف بجريمة ابادة الشعب الارمني وبمسؤولية تركيا في تلك الجريمة، فالشعوب العربية عاشت الاستبداد والطغيان والظلم والقهر والاحتلال العثماني ودفعت الثمن باهظا. اربعة قرون من الاحتلال وقتل المسلمين والمسيحيين على السواء في سوريا وفلسطين والعراق ولبنان والمناطق العربية الاخرى، والمجاعة المفروضة على جبل لبنان ومشانق 6 ايار في بيروت ودمشق وجريمة سيفو لاخواننا في المصير من السريان والكلدان والاشوريين، الى سفر برلك في الاقطار العربية، الى قتل الشعب العربي في الاسكندرون واحتلاله، الى قتل الاكراد وتشريدهم، تجعل من قضية الابادة قضية عربية ارمنية واحدة اكبر واقوى بكثير من المصالح الاقتصادية والتسويات السياسية والتحالفات المرحلية مع دولة قامت على أشلاء الشهداء والابطال وأبقت على تحالفاتها مع العدو الاسرائيلي».
مسيرات ضخمة في بيروت وسيدني واوروبا ومهرجان في ذكرى الإبادة: لن ننسى… وعلى تركيا الاعتراف والتعويض
Related Posts
كارولين كينيدي – العلاقات بين أستراليا والولايات المتحدة “لا تتزعزع”