على وقع تطورات متلاحقة ميدانيا في سوريا بعضها واضح ومثبت وبعضها الاخر يلفه الغموض وفي الحالين تعكس احتداما كبيرا في مد المعارك وجزرها بين النظام السوري وسائر تنظيمات المعارضة حلت الذكرى العاشرة لانسحاب القوات السورية ووصاية النظام السوري على لبنان . حدث لم يحجب وهجه لا الازمة السياسية الداخلية التي تنذر بتصاعد في قابل الايام ، ولا ايضا التحرك الشعبي – السياسي الذي شهدته كسروان احتجاجا على « مداخن السرطان « لمعمل انتاج الكهرباء في زوق مكايل على اهمية هذا التحرك . اذ ان الذكرى العاشرة ل» جلاء « الوصاية السورية تأتي وسط انفصام داخلي يعيشه لبنان الذي لا يزال من جهة رازحا تحت وطأة تعطيل اقليمي معروف لاستحقاقه الام المتمثل بازمة الفراغ الرئاسي ، ولكنه يتكيف مع الحد الادنى من الاستقرار ولو مع ابقاء الايدي على القلوب خشية ارتدادات الهزات الاقليمية ولا سيما تلك التي يتأثر بها بقوة من سوريا .
في اي حال حلت الذكرى وسط مفارقة تزامنها مع « وفاة « احد رموز الوصاية وآخر ضباطها الراحلين من لبنان في يوم 26 نيسان 2005 رستم غزالي الذي وزعت مواقع الكترونية عدة امس صورا لتشييعه الامر الذي ترك ترددات داخلية في لبنان امس بعد التريث الملحوظ في التعليقات الفورية اول من امس على ما وصف بانه تصفية لغزالي على أيدي بعض اجهزة النظام .كما تزامنت مع الانباء التي تواترت عن هزيمة استراتيجية للنظام في جسر الشغور الذي سيطرت عليه تنظيمات معارضة .
ولعل اشد التعليقات السياسية اللاذعة التي صدرت من لبنان على وفاة غزالي جاءت على لسان رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي كتب مغردا على حسابه على « توتير» الآتي : « مهما حاول حاكم ما تبقى من النظام السوري التخلص من الشهود في الجرائم التي ارتكبت في لبنان وفي حق الشعب السوري لكن المحكمة الدولية في انتظاره ونحن الى جانب النهر في انتظاره « .
ولم تقل مواقف وتعليقات أطلقت في الاحتفال الذي اقامه حزب الوطنيين الأحرار عند صخور نهر الكلب احياء لذكرى جلاء القوات السورية عن لبنان اهمية في دلالاتها علما ان حزب الأحرار تفرد بمبادرته في احياء هذه الذكرى امس وخرق رتابة المشهد الداخلي مثلما فعل قبل اسبوع بأحيائه الذكرى الأربعين ل 13 نيسان في مدينة طرابلس . وقد اعتبر رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون في كلمته في الاحتفال ان « الدولاب بدأ بالدوران اكثر في سوريا» لافتا الى ان « كثيرين سيلحقون برستم غزالي وكل من وضع يده على لبنان يستأهل اكثر من ذلك «. كما ان عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح الذي مثل تيار المستقبل في الاحتفال اعتبر ان « الجيش السوري ترك وراءه من أراد استتباع لبنان وشعبه لارادة ايران ومرشدها « لكنه أردف « بالامس قتل رستم غزالي وقد استبقت عدالة السماء عدالة المحكمة الدولية « .
اما على صعيد اليوميات السياسية الداخلية فاستبعدت مصادر نيابية واسعة الاطلاع ان تحمل الايام الطالعة اي حلحلة للتعقيدات التي اعترضت تحديد موعد للجلسة التشريعية لمجلس النواب بل لم تكتم خشيتها من تزايد الاستقطابات وشد الحبال في ظل تطور سلبي برز مع سقوط محاولة لتحييد الجلسة التشريعية عن ملف التعيينات الامنية والعسكرية . واشارت المصادر الى ان بعض المتحركين على خط هذا المأزق فوجئوا بوجود تعقيدات طرأت في الايام الاخيرة ورافقت توزيع جدول اعمال الجلسة التشريعية على النواب إيذانا بسريان مهلة الدعوة الى الجلسة وتحديد موعد لها من جانب رئيس المجلس نبيه بري الذي سلك مبدئيا بالتوافق مع هيئة مكتب المجلس المسار النظامي ولكن بدا من خلال تجمع الكتل المسيحية الثلاث الاساسية على مقاطعة الجلسة ان سدا ميثاقيا وضع في طريق الجلسة ولو من منطلقات مختلفة لكل من هذه الكتل وهي تكتل التغيير والاصلاح والقوات اللبنانية والكتائب .
واذ لفتت الى ان موقفي الكتلتين الاخيرتين لم يكن مفاجئا وكان قيد المعالجة في الاتصالات الجارية لإيجاد مخرج للمأزق فان موقف التكتل بدا اشد تعقيدا من خلال معطيات تؤكد ان التكتل ماض في استعمال كل الاوراق الضاغطة لمنع التمديد للقادة الامنيين والعسكريين بما فيها ورقة الجلسة التشريعية . وهو الامر الذي يضع هذا المأزق امام مرحلة محفوفة بالسخونة السياسية علما ان اي مخرج لا يبدو متاحا راهنا في انتظار ما قد تحمله الايام المقبلة من تطورات ومواقف جديدة .