رغم فقدان الثقة بالمجتمع الدولي ومكوناته التي فشلت في بسط حد أدنى من الانسانية في سوريا، يسعى وزير الخارجية جبران باسيل الى تعطيل امكانية ادانة «حزب الله» في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بسبب تدخله عسكرياً في القتال الدائر في سوريا، في حين تحتاج الجمهورية اللبنانية إلى أكثر المواقف صلابة وديبلوماسية قاسية تجاه تصريحات ايرانية تربط لبنان بايران… حتى لو كانت طهران تسارع إلى نفي ما يصدر من انتهاك للسيادة اللبنانية على ألسنة بعض كوادرها.

انتزع باسيل أخيراً موقفاً من السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين، قال فيه: «من غير المنطقي ادراج اسم حزب الله بذريعة التدخل الخارجي، خصوصا انه يتعاون مع النظام السوري. والمعركة اليوم هي ضد المنظمات الإرهابية مثل «داعش» و»النصرة» في ما الحزب يقف بجانب النظام، فلماذا يريدون الانطلاق من الجانب الذي يقف مع النظام بدل البدء بالمنظمات المعترف بأنها ارهابية».

الأكيد أن «سعي بعض الدول الى ادانة الحزب في مجلس حقوق الانسان» لم يطرح على طاولة البحث الحكومية، على ما أكد لـ»النهار» وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وقال: «نبحث في طريقة تمرير هذه المرحلة الانتقالية في أقل نسبة ممكنة من الاضرار ولا ابحث عن انفجارات، خصوصا ان لا موقف واحدا في لبنان، والافضل تجاهل الموضوع».

«ادعم باسيل»

وكالمعتاد فإن التطرق الى أي ملف يرتبط بـ»حزب الله» يكون هناك مؤيد ومعارض، ولكن بعيداً عن الاصطفاف فإن وزيرة المهجرين أليس شبطيني تدعم جهود باسيل وتؤيدها، علماً أنها تؤكد أن «لا قرار حكومياً في هذا الملف، بل يعمل الوزير باسيل في سياق عمل وزارته».

وهل تؤيدين أدانة الحزب؟ تجيب: « يجب ألا تحاكم أي جهة من دون اعطائها حق الدفاع عن نفسها. هناك محاكم للمحاكمة، أما الخروج بنظرية ومحاكمة الحزب على أساسها في المجلس من دون اعطائه حق الدفاع فهذا لا يجوز»، معتبرة أن «بعض الدول لها مصلحة في ادانة الحزب».

ولا يأتي تأييد شبطيني لجهود باسيل من عبث، بل «لأن الملف يتعلق بفئة من الشعب اللبناني الذي أرفض أن يمسه أحد، فأنا مع كل اللبنانيين ضد كل غريب».

«الامبراطورية الفارسية»

يبدو أن حزب «القوات اللبنانية» يتحفظ عن الغوص في مواضيع قد تعكر صفو الحوار «المعجزة» بين «القوات» و»التيار الوطني الحر»، أما عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت، فهو ثابت على مواقفه ازاء «حزب الله» وتدخله في سوريا، ويعتبر أن «الوزير باسيل يتصرف من موقعه كجزء من الامبراطورية الفارسية مع حزب الله، وبالتالي فتصرفاته طبيعية جدا، كحليف سياسي، وهو يسخّر كل امكانيات الدولية اللبنانية للحزب والمشروع الايراني في المنطقة».

وهو على يقين أن جهود باسيل لا تستند حتى الى بحث حكومي، ويقول: «انه يبادر من تلقائه، ولا فرق بينه وبين الوزير السابق عدنان منصور سوى أن الأول أكثر ذكاء ويستطيع أن يسوق لنفسه أكثر في الاغتراب»، مضيفاً: «لم يعد الحديث اليوم عن حزب الله بل بات الامر أكبر من ذلك مع مشروع الامبراطورية الفارسية».

الجميع حريص على المكون اللبناني، لكن «إذا كان حزب الله يرتكب أعمالا في الخارج تحتاج إلى ادانة، فيجب أن تدان. مع حزب الله حينما يعود حزباً لبنانياً ندافع عنه بكل امكاناتنا، اما اذا كان في الخارج فلا ندافع عنه»، ويضيف: «لا يختلف حزب الله عن الجماعات الارهابية ، لأن ما يقوم به هو ايضا ارهاب عندما يقتل السوريين في سوريا».

«ادانة مضرة»

البعض على يقين بـ»تفلت» حزب الله في سوريا، لكن في الوقت نفسه يعتبر أن الادانة حالياً «مضرة على لبنان». ويقول عضو كتلة «الكتائب» النائب فادي الهبر: «لسنا في وارد أن نقوم بعقوبات على حزب متفلت، فهذا يضر بلبنان في نهاية المطاف، ولكن اذا هناك مشروع متكامل على المستوى الدولي ويدخل في الموضوع الانساني في سوريا والعراق فندعم ذلك، اما القياس بالقطعة فنراه مضرا». يطالب حزب الكتائب «حزب الله» باستمرار بعدم توريط لبنان بتفلته في الخارج، لكن رغم ذلك يعتبر الهبر «اننا لا نستطيع أن نظهر هذا التفلت بمطالبة بقرار دولي هو غير جدي في المعالجة، فنحن لا ثقة لدينا بالمجموعة الدولية التي تتعاطى قضايا المنطقة».

ويرى «أننا مرغمون على الدفاع عن كل مؤسسة في لبنان أو مكون اساسي، أيا كانت طائفته، انما نحن بالتأكيد في محاولة يومية ومتابعة لوقف هذا التفلت غير المقبول على المستوى الداخلي والاقليمي، لأن ردود الفعل تتطور على المستوى المذهبي».