بقلم هاني الترك
By Hani Elturk OAM
الجهل سبب العنصرية
اجرت لي المذيعة اللامعة في البرنامج العربي «اس بي اس» مرام إسماعيل مقابلة بمناسبة اليوم العالمي لمحو العنصرية الذي يصادف 21 آذار / مارس من كل عام، سألتني عن تاريخ العنصرية في استراليا وخصوصاً بالنسبة للهجرة، وعن القوانين الحالية لمكافحة العنصرية في استراليا وفيما اذا كانت العنصرية موجودة في استراليا وعن البند 18C من القانون الفيدرالي لمكافحة العنصرية الذي هو موضع جدل حاد في استراليا وعن مفوضية حقوق الانسان وعن يوم التناغم السنوي الذي تحتفل به استراليا في ذات اليوم العالمي لمكافحة العنصرية..
فقد صدرت معاهدة محو العنصرية عن الامم المتحدة عام 1960 وذلك بعد ان اطلقت الشرطة النار في جنوب افريقيا على المواطنين وقتلت 69 مواطناً من السود اذ كان التمييز العنصري متفشياً في جنوب افريقيا. وتوصي المعاهدة جميع دول العالم بالمساواة بين المواطنين ومحو العنصرية.
وفي استراليا كانت العنصرية متفشية، ففي القرن التاسع عشر كانت العنصرية منتشرة ضد الصينيين الذين تهافتوا على استراليا من اجل البحث عن الذهب Gold Rush اذ كان الصينيون ماهرين في البحث والعثور على الذهب. وكانت العنصرية رسمية في قانون الهجرة، إذ كان يمنع هجرة الناس من دول آسيا وافريقيا وتسمى هذه السياسة استراليا البيضاء اذ روج لها وزير الهجرة في ذلك الزمن آرثر كولويل.. فكان التعصب سافراً ضد المهاجرين من آسيا وافريقيا حيث يقال في التاريخ عن الصينيين Tow wong do not make one white بل ووقت الحروب مثل الحرب العالمية الاولى كان يحتجز الرعايا الاتراك والالمان في المعسكرات في استراليا وكذلك اثناء الحرب العالمية الثانية كان الايطاليون والالمان واليابانيون يوضعون في المعسكرات. ولم تلغ سياسة استراليا البيضاء الا بعد ان فاز العمال بالحكم بقيادة غوف ويتلم واصدار وزير الهجرة الايطالي الاصل في حكومة ويتلم ال غراسبي سياسة التعددية الحضارية وقبل ويتلم كانت استراليا شبه منعزلة عن العالم وارتباطها ببريطانيا والولايات المتحدة.. ولم يكن الاستراليون يختلطون بالمهاجرين، ولكن تغير الوضع بعد ذلك واصبحت الثقافة الوافدة مع المهاجرين تؤثر على الاستراليين. كان يعتقد ان المهاجرين يقتنصون الوظائف من المهاجرين في حين اثبت بعد ذلك الدراسات الميدانية ان المهاجرين يخلقون الوظائف ويحركون الاقتصاد.
لقد خفت العنصرية بعد ذلك في استراليا وخصوصاً بعد اصدار الولايات والمقاطعات والحكومة الفيدرالية قوانين منع التمييز العنصري.. هذا على المستوى الرسمي ولكن لا تزال العنصرية موجودة، فمثلاً هناك العنصرية ضد الابوروجينيين اذ ان نسبة السجناء في السجون في استراليا وفي المقاطعة الشمالية بالذات هي الاعلى من النسبة بين السكان.. وقد بدأت العنصرية مؤخراً ضد المسلمين بسبب بروز تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي مع التسليم بأن المسلمين لهم حقوق متساوية مع جميع الاستراليين.
وبالنسبة للبند 18C في قانون مكافحة التمييز العنصري الفيدرالي له قصة كالآتي: الكاتب اندرو بولت كان قد نشر مقالة اعتبرت عنصرية اذ قال ان بعض المواطنين قد مثلوا انهم ابوروجينيون من اجل الحصول على منافع من الحكومة.. رفع تسعة من الابوروجينيين دعوة قضائية في المحكمة ضد بولت وتم ادانته بغرامة قيمتها 246 الف دولار بموجب البند 18C من القانون.
على اي حال اراد وزير الادعاء العام جورج برانديس الغاء تلك الفقرة في القانون ولكن تراجع برانديس مع الوزراء طوني آبوت ولم تمض الحكومة قدماً بالغاء تلك الفقرة في القانون اذ كانت المقاومة عارمة في الجاليات الاثنية والمدافعين عن الحريات المدنية.
ان اسباب التعصب العنصري هو الجهل والتربية في المنازل والتعليم في المدارس هو هام لذلك اصدرت الحكومة في ذات اليوم لمكافحة العنصرية بما يعرف بيوم التناغم Harmony Day بإقامة الندوات والمهرجانات في المدارس وفي اماكن العمل والمسابقات من اجل تحقيق التناغم.
واذا واجه الشخص اي تمييز عنصري في الولايات يمكن تقديم شكوى لمجلس مكافحة التمييز العنصري الذي ينظر في الدعوى ويقوم بالتوسط بين الخصمين.. واذا وجد المجلس اي خرق لقانون التمييز العنصري فإنه يحيل القضية الى محكمة المساواة في الحقوق ويمكن الحصول على تعويضات مالية وتصحيح الوضع. ويمكن للمدعي اذا كان يعتقد ان له الحق جراء التمييز العنصرية رفع دعوى في المحكمة دون الانصياع لقرار المجلس بالتوسط. واذا كانت الشكوى في مجال القانون الفيدرالي يمكن رفع شكوى الى مفوضية حقوق الانسان التي بدورها تقوم بالتوسط واذا كان هناك خرق لقانون منع التمييز العنصري الفيدرالي تحيل المفوضية الدعوى الى المحكمة الفيدرالية للبت فيها. ويمكن للمدعي ان يقدم دعوى الى المحكمة الفيدرالية اذا لم يكن راضياً عن توسط مفوضية حقوق الانسان.
ورغم وجود بعض العنصرية في استراليا الا انها من افضل دول العالم .. فانظري الى بلادنا العربية للأسف القتل والذبح والجرائم الوحشية البربرية بإسم الدين والاصل العنصري.
وهذه ليست التمييز العنصري فحسب ولكن التطهير العرقي بالوحشية.. وهذا مصدره الجهل فإن الجهل هو عدو البشرية رقم واحد.
عقوبة الزواج الاجباري
اني اذكر منذ عدة سنوات جاءني احد المعارف الرجل الوقور الثري ودعاني الى حضور زفاف ابنه المعاق عقلياً البالغ من العمر 25 عاماً على فتاة فقيرة احضرها من خارج استراليا كانت تعمل خادمة لدى عمته .. فقلت للرجل الوقور لا يمكنني حضور الزفاف لأنني اعرف ان «العريس» معاق عقلياً عمره العقلي حوالي اربع سنوات ومتخلّف عن عمره الزمني 25 عاماً.. وفي تعاليم الديانة المسيحية التي اعتنقها ان الزواج هو اتحاد اثنين في شخص واحد وان الزواج هو البقاء مع الزوج في الصحة وفي المرض .. وهو يتم بعقد اكليل الزواج بحضور الناس الشاهدين على الزواج المقدس.. والعريس ابن الرجل غير آهل للزواج ومن ثم فإني اعتذرت عن حضوره.. كان ذلك قبل صدور القانون الخاص بعدم اجراء الزواج القسري عام 2013.. وبالفعل بعد ثلاثة او اربعة ايام هربت العروس من عش الزوجية.. لأن العريس لا يفهم معنى الزواج فهو متخلف عقلياً أنه زواج اجباري غير متكافئ.
وقد انشرح صدري حين علمت بإصدار القانون بفرض العقوبة على الزواج القسري بل بزيادة العقوبة على الزواج الالزامي حيث قدمت الحكومة الفيدرالية الاسبوع الماضي مشروع قانون للبرلمان يقضي بالتوسع بتعريف الزواج الاجباري بالقوة وبزيادة عقوبة على مرتكبي الجريمة.
وحالياً بأن العقوبة على الزواج القسري اربع سنوات والزواج الاجباري بالقوة سبع سنوات وسوف تصبح العقوبة بعد تمرير المشروع في البرلمان سبع سنوات للزواج القسري وعشر سنوات للزواج الاجباري بالقوة.
وقال وزير العدل مايكل كينان ان الزواج الاجباري يحدث عندما يفرض قسرياً على الشخص سواء رجل ام امرأة لا يفهم طبيعته وتأثيرها على الحياة وانه يشبه العبودية واساءة لحقوق الانسان.. لقد كنت انا محقاً منذ عدة سنوات وقبل اصدار القانون بعدم حضور الزفاف واشعر براحة الضمير والا كنت شاهداً على جريمة انسانية وخطيئة دينية ضد تعاليم ديانتنا المقدسة فقد استبقت القانون.