تحليل أنطون سابيلا
فجأة جرى تبادل للسجناء بين سورية وإسرائيل برعاية روسية، لكنه بلا شك أيضاً بمباركة من إدارة الرئيس بايدن الأمريكية الجديدة.
فالولايات المتحدة لن تسمح لروسيا أن تنفرد بقرار السلام في الشرق الأوسط، وصار واضحاً الآن لماذا ماطل الرئيس الامريكي جو بايدن في الاتصال هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. فمِن جملة اعتراضات إدارة بايدن على السياسات الإسرائيلية كانت مسألة استمرار الغارات الإسرائيلية على أهداف في سورية مما يعني تمدد النفوذ الروسي فيها.
واشنطن قلقة من تنامي النفوذ الروسي في بلاد الشام كلها وهي تريد “تلطيف” التخبط الذي وقعت به إدارة الرئيس السابق ترامب من نقل للسفارة إلى القدس وإعلان الجولان المحتل أراضي إسرائيلية واستمرار الاستيطان اليهودي في القدس والضفة الغربية. ببساطة واشنطن تريد استعادة دور الرائد والقائد في الشرق الأوسط ولكن لهذه العودة ثمن يجب أن تدفعه إسرائيل!
ولهذا “التقارب” باتجاه مفاوضات السلام الجديدة بين سورية وإسرائيل أيضاً خلفيات خليجية ومصرية.
فاتفاقيات السلام بين الإمارات والبحرين والمغرب وقريباً السودان وربما قطر غير مقبولة شعبياً في تلك الدول بالرغم من كل الحملات الإعلامية لاستقطاب الدعم الشعبي لها. وأدت “الإطاحة المهذّبة الديمقراطية” بالرئيس السابق ترامب بجميع الأطراف الشرق الأوسطية إلى إعادة النظر في حساباتها بينما مصر منهمكة في قضايا المياه المتعلقة بأثيوبيا والسودان، وهي قضايا مصيرية علماً أن الرأي العام المصري يدعم سورية وفلسطين بقوة.
واضطراراً وليس مكرمة فإن قادة الدول الخليجية ومصر يريدون الآن لعب الورقة السورية لكي لا تصبح اتفاقيات السلام نقمة عليهم بدل أن تكون نعمة لهم. وهذه الدول بحاجة ماسة وملحّة لتحريك الملف السوري-الإسرائيلي باتجاه مفاوضات سلام جديدة حتى “يشمل ” السلام الجميع على أساس “كلنا في الهوا سوا”.
ولكن هناك كذلك قضية مهمة جداً أعطت الحكومة السورية مجالاً للمناورة في قضية تبادل الأسرى بعيداً عن الضغوط الإيرانية وهي “التقارب” الأمريكي-الإيراني حول قضية النووي الإيراني. وهذا “التقارب” يعطي سورية وإسرائيل مجالاً كبيراً ويخفف الضغوط “للتقارب” في وجهات النظر واستئناف مفاوضات السلام بينهما.
ويبقى السؤال هل تخلت إسرائيل عن دعمها للمعارضة السورية؟ يبدو أن الإجابة قيد النظر لكن ما هو مؤكد الآن أن هناك شبه اتفاق دولي على التقريب بين مواقف الحكومة السورية والمعارضة لأن الحرب الأهلية السورية قد انتهت فعلياً باستثناء بعض الجيوب هنا وهناك!
وأمام هذا الواقع سوف تضطر السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد الانتخابات الفلسطينية والإسرائيلية إلى قبول وساطة أمريكية-أوروبية لاستئناف مفاوضات السلام بينهما، وبالتحليل النهائي فإن ما يقلق واشنطن كثيراً الآن هو الملف الصيني وهي تريد اصطفاف شرق أوسطي شامل معها ضد التمدد الصيني في آسيا والشرق الاوسط خاصة والعالم عموماً.
Recent Comments