قد تستغربون هذا العنوان، ولولا كلامٌ استفزّني الأسبوع الماضي لما كنت تطرّقت إليه، وموضوع نكران الجميل يجب أن نجتثّه في أوساط جاليتنا على الأقل.
كنتُ مدعوّاً الأسبوع الماضي الى مأدبة عشاء أقيمت على شرف أحد الضيوف القادمين من لبنان وفيها وجوه برلمانية أسترالية.
وكان المتحدثون يضمّنون كلماتهم تحيّة شكر الى أستراليا، وأثناء توجيه أحد المتكلّمين كلمة شكر الى استراليا لاحتضانها مهاجرين ضاقت بهم سبل الحياة في أوطانهم الأم ومنها لبنان، إذ بأحد المدعوّين يقاطع المتحدّث بغضب ويقول بانفعال: «مش عم بفهم ليش بتضلّو تشكرو استراليا،
يا أخي ليش بتشكروها دايماً، أخدت مالنا وأخدت ولادنا ، هيي لازم تشكرنا نحنا تعبنا فيها».. وتابع الرجل وقد فقد البوصلة:
أنا مثلاُ بعت كل شيء وعدت الى لبنان ، ولكن سرعان ما اضطُررت للعودة الى أستراليا مجدداً»؟!. .. ولم ينتبه صاحبنا أنه ناقض نفسه ودحض في الجملة الأخيرة ما سبق وقاله عن عدم الشكر!!.
وليس من عادتي أن اصمت في هكذا مواقف لكني كظمتُ غيظي حتى لا أعكّر جو المناسبة. لكن في نهاية العشاء، توجّهت الى الرجل قائلاً : «لقد استفزّيتني ليس لأنك قلتَ ما قلت، فأنت حرّ في رأيك، بل لأنك جافيتَ الحقيقة …
ولأن النقاش في هذا الموضوع يحتاج الى ساعات ومجلدات، وجدت أن من واجبي رفع الظلم عن أستراليا التي لم تكن مقصّرة معنا، ولأول مرّة اسمع في إحدى المناسبات شخصاَ يقول ان استراليا سرقت ماله واولاده .. وعندما حاول الإقامة في وطنه الأم ، اعترف أن استراليا جذبته من جديد؟!.
في مطلع هذا العام، جمعت الجاليات الاثنية مئات الآلاف من الدولارات لمساعدة المتضررين ودعم المجتمعات التي دمرتها حرائق الغابات هذا الصيف.
وقال وكيل وزير الهجرة والمواطنة آلان تودج إننا «كثيرا ما نقول إننا أعظم دولة متعددة الثقافات في العالم، وأفضل دليل على هذا هو العمل الذي تقوم به مجتمعاتنا الاثنية».
وأتى هذا التصريح في وقت التقى فيه تودج مع حوالي 50 قائدا من قادة المجتمع الاثني في سيدني لشكرهم على جهودهم.
وأضاف تودج «لقد رأينا رهبانًا بوذيين يقدمون خدمات تدليك لرجال الإطفاء، وعمال بناء مسلمين يقومون بتنظيم حفلات الشواء للناجين، وسائقي الشاحنات الأيرلنديين آلاف ليترات المياه، وسيخ وهندوس يقدمون وجبات ومواد أساسية».
وأردف قائلا «في مثل هذه الأزمات، إنه لأمر مشجع أن جميع الأستراليين، بغض النظر عن خلفيتنا أو مكان ولادتنا، يجتمعون لمساعدة بعضهم البعض.»
ثمّ أن البروفسور العراقي منجد المدرّس الذي أحدث ثورة في عالم تركيب الأطراف وجعل استراليا الرائدة في العالم، لا يوفّر فرصة إلا ويشكر أستراليا التي أغدقت عليه بالتقدير والمكافآت.
في مطلع هذا العام، وصل 5000 آلاف أفغاني بينهم عائلة من أم اسمها قمرية (الصورة) هي زوجة شابة وهي أم لخمس بنات أكبرهن في الرابعة عشرة من العمر، تأمل الآن أن تتمكن بناتها الخمس من تحقيق طموحاتهن في أستراليا في جو من الأمان والاستقرار ما كان ليتوفر لهن لو بقيت العائلة في أفغانستان.
وكعربون شكر لأستراليا تقول قمرية إنها وعائلتها لن يترددوا في فعل أي شيء للمساهمة في تنمية هذا المجتمع وتقدمه.
يا صديقي ، ألم تسمع ماذا نقول نحن أهل الشرق: وبالشكر تدوم النعم
فلنشكر كي تدوم النعم علينا.
Recent Comments