بقلم رئيس التحرير / انطوان القذي
المشهد الطرابلسي في الأيام الأخيرة، وضع اللبنانيين وللأسف فريقين متواجهين: الأول يدافع عن الإنتفاضة ويرى أنه لا يجوز استعمال العنف مع المتظاهرين لأنهم جائعون ومعدَمون..
والفريق الثاني يدافع عن الجيش لأنه يقوم بواجبه ويمارس سياسة ضبط النفس الى أقصى حدود وأن المتظاهرين لا يحطمون واجهات المصارف وحسب بل يعتدون على الأملاك العامة.
مع تأكيد الجميع أن الجيش يجب ألّا يكون علامة استفهام وهو الحاضن الطبيعي لكل اللبنانيين؟!.
ولكن، من دفع الأمور الى الإنزلاق الخطير، ومن هو كاتب السيناريو والمخرج في فيلم العنف الجديد من طرابلس الى بيروت وجبل لبنان فالبقاع والجنوب؟.
صحيح أن العصا الأمنية ليست حلّاً لقمع الجائعين، والصحيح أيضاً أن الحكومة التي جاءت على ظهر الحراك نسيت الظروف التي أدخلت رئيسها الى السرايا ، وهو لولا هؤلاء الذين يأكلون العصي اليوم لما حصل على لقب «دولة الرئيس».
لم نتخذ موقفاً سلبياً من حسان دياب في بادئ الأمر أسوة بكثيرين من منطلق إعلامي واقعي يمنح المسؤول الفرص لتنفيذ الوعود.. ولكن حكومة القفّازات والكمامات ، تبقى «مكانك راوح»، ويكاد ينصرف رئيسها للردود على منتقديه بدل الإنصراف الى العمل، وهو الأستاذ الجامعي الذي عليه أن يدرك جيّداً أن الإنتقاد هو من مستلزمات الأنظمة الديموقراطية.
ولكن للأسف، لا يزال حسان دياب غارقاً في الفنجان الذي أعطوه إياه وفي تطبيق البنود التي أملوها عليه، ولا يزال عاجزاً عن مفاوضة صندوق النقد الدولي، وهو يكتفي بتنفيذ الأجندا التي يمارسها بباطنية لا تخفى على أحد، هي غير الأجندا التي تلاها في البيان الوزاري لحكومته!؟.
بعد أكثر من مئة يوم، لا يستطيع الشعب أن «يمغط» فترة السماح، لأن تمسحة أهل السلطة هي التي أوصلت الجيش مجدّداً الى قمع أهله وأخوته، سلطة يعيّن نصف وزرائها جميل السيّد، ويتصرّف وزراؤها وكأنهم مستشارون لدى أسيادهم واستهلكوا من التصاريح والبيانات في ثلاثة أشهر ما لم تستهلكه حكومات كثيرة خلال فترة حكمها.
نعم، هناك بين أهل السياسة من»يضحك في عبّه» لمشهد الإشتباكات الأخيرة ..
و»مرحبا» جوع الناس وصراخهم و»تعتيرهم».
Recent Comments