د. سعاد محمد الصباح
يا سلطان قلبي..
إذا كنت تعتقد أني خدمت إمبراطوريتك
بإخلاص وشرف.. فإنني أنتظر على الأقل وساماً
تقديراً لإنجازاتي..
فباسم كل ما يمثله اللون الأخضر لك ولي أدعوك إلى الصعود إلى المركب مرة ثانية..
فالبحر جميل.. والآفاق التي لم نعرفها أروع من الآفاق
التي عرفناها..
والمشاوير التي لم نمشها أحلى من المشاوير
التي مشيناها..
المهم أن تعرف كم أحبك..
وكم هو العالم ضيق من دون عينيك..
هفواتي معك كثيرة.. وحماقاتي كثيرة..
ولكن طفولتي تشفع لي عندك..
هل يطاوعك قلبك كأب – وأنت أبي – أن تقطع حبل المشيمة الذي يربطني بك..
وتتركني في غربة الليل والزمهرير..
بلا شراب.. ولا طعام..
أحاول أن أسحب من لحمي خنجراً طعنت به نفسي..
أحاول أن أصلح المركب المثقوب..
أحاول أن ألحق بالقطارات الذاهبة إلى عينيك..
أحاول أن ألصق الزمن المكسور..
أحاول أن أقنعك أنني لست مسؤولة..
لكنني طفلة.. والطفلة لا تُسأل عن الأواني التي كسرتها..
أكيد أنني تغيّرت.. وأكيد أنك تغيّرت..
ذوقي تغيّر.. إحساسي تغيّر..
مواقفي تغيّرت..
سلوكي مع الآخرين تغير..
وكذلك أنت..
أنت أعدت صياغة ذوقي وأعدت صياغتي..
ونقلتني من المرحلة السيبيرية..
إلى المرحلة الاستوائية..
والحب الحقيقي هو إعادة صياغة من نحبهّم
وإعادة تشكيلهم..
أنت تغيّرت كثيراً.. وأنا تغيّرت كثيراً..
أنت غيّرتني.. وأنا غيّرتك..
أنا أعدت صياغتك، وأنت أعدت صياغتي..
ولأننا تداخلنا، وتوحدنا، وانعجنّا ببعضنا، نجحت تجربتنا كما لم تنجح تجارب الآخرين..
وصرنا ملوكاً على عرش الحب حين بقي الآخرون في عداد الرعايا..
إنني أعرف أننا عانينا كثيراً.. واصطدمنا كثيراً..
وغضبنا كثيراً..
ولكن كل هذا كان جزءاً من عملية الخلق..
ومن عملية التكوين..
إن ولادة الأطفال فيها كثير من التمزق، والوجع، والنزف، والصراخ، وكذلك ولادة الحب العظيم..
فأحمد الله.. أنه رزقنا طفلاً من أجمل أطفال العالم..
لا تنتقد اشتعالي، وبروقي، ورعودي،
فلولا عواصف الشتاء ما طلع الربيع..
ولولا الرياح ما وصلت المراكب..
اهتم بطفلنا الرائع، فليس
في العالم كله طفل أجمل من طفلنا الجميل..
أحبك.. ولا أستأذنك.. ولا أستشيرك..
ولا أطلب من أي سلطة تأشيرة الدخول إليك..
فأنت البلاد التي ولدت فيها..
وأريد أن أموت على ترابها..
فهل تقبلني لاجئة سياسية إلى عينيك؟
Recent Comments