وأنا أقرأ أمس الأول نداء المواطنين السوريين المقيمين لأخوتهم اللاجئين في الخارج قائلين “لا تعودوا”، رأيتُ أن أشارككم قصة اللاجئ السورية البطلة يسرى مارديني.
كانت الفتاة السورية يسرى مارديني الابنة الوسطى بين ثلاث بنات، وكانت تعيش مع والديها وتذهب إلى نادي للجمباز تعشق السباحة، وتتمتع بإمكانيات تؤهلها لأن تصبح سباحة رائعة.
واندلعت الحرب الأهلية في سوريا و تعرض منزل يسرى للقصف ودمرت القنابل سقف حمام السباحة الذي اعتادت أن تتدرب فيه في دمشق.
كان أمام مارديني، وهي ابنة مدرب سباحة، خياران، إما العيش في بلدها دون أمل أو الفرار من أجل الحرية لتحقيق الحلم.
وتقول مارديني: “ربما سأموت في الطريق، لكنني تقريبا ميتة في بلدي، لا يمكنني أن أفعل أي شيء.”
وفي 12 أغسطس/آب عام 2015 ، غادرت مارديني وشقيقتها الكبرى سارة مع اثنين من أقارب والدها ولاجئين آخرين بلدهم سوريا.
صدر الصورة،GETTY
ودع الجميع بحزن شديد الوالدين وفرّوا جميعا إلى بيروت في بداية رحلتهم الشاقة الى ألمانيا التي تستغرق 25 يوما.
تتزايد المخاوف مع اقتراب الأختين من التلال العالية والوديان العميقة جنوبي تركيا.فقد قضتا أربع ليال في إحدى الغابات التي يوجد بها مسلحون مختبئون. ولا يوجد طعام أو ماء، ومستقبلهما في يد مهربين مسلحين، وأحدهما، سينقلهما عبر البحر المتوسط في زورق صغير مهلهل إلى اليونان، مقابل مبلغ مالي كبير.
أصبحت الأختان في وسط المياه العميقة، وتتلاطم الأمواج بقاربهما، وكانت كل ضربة من الأمواج تحمل معها معاناة.
مرت ثلاثون دقيقة في رحلة الأختين إلى جزيرة ليسبوس اليونانية وحينها توقف محرك الزورق الذي كان يقل 20 شخصا بدلا ستة أو سبعة أشخاص فقط.
دخلت المياه إلى القارب ، وسادت حالة من الذعر. كان من الضروري تخفيف الحمولة وإلا سيغرق الزورق.
تقول مارديني التي تعلمت السباحة حينما كان عمرها ثلاث سنوات: “أعتقدت بأنه سيكون عارا حقيقيا إذا غرقت في البحر لأنني سباحة.”
قفزت هي أولاً إلى مياه البحر وتبعتها سارة. جرّت الاثنتان برفقة فتاة ثالثة القارب المعطل باتجاه الشاطئ وهنّ يتشبثن بالحبل المتدلي من جانب القارب.
وقبل ثلاثين دقيقة من الوصول لليابسة، نال الإجهاد من الثلاثة ولم يمكنهن مواصلة السباحة.
وتشير مارديني إلى هذه المعاناة، قائلة:
“كنت أنا وأختي نمسك بالقارب بيد، ونسبح سباحة الصدر باليد الأخرى وأحد القدمين. وفي آخر ساعة ونصف (من الرحلة) لم أستطع مواصلة ذلك، وعدت إلى القارب مرة أخرى. وكان الطقس باردا جدا، ونظرت إلى البحر في هذه اللحظة، شعرت بدوار شديد.”
سقطت مارديني على الأرض وجسمها يرتعش فور أن وطأت قدمها اليابسة، ثم توجهت إلى الله بالصلاة والدعاء.
وتتذكر قائلة: “حينما وصلنا إلى اليونان، شاهدنا مطعما وأردنا شراء طعام، لكنهم رفضوا لأنهم اعتقدوا أننا سنسرقهم. قلنا لهم إن لدينا أموالاً حتى سمحوا لنا بتناول الشراب.”
كانت مارديني تشعر بالجوع والعطش، ولم يكن لديها حذاء، فقط سروال جينز قديم وقميص تي شيرت.
صدر الصورة،GETTY
ثمّ، واصلت مجموعة اللاجئين الى اليونان وعبروا من خلال مقدونيا وصربيا والمجر والنمسا على الأقدام وبالقطار والحافلة، قبل أن تصل إلى ميونيخ ومن ثم إلى برلين.
كان أول منزل لمارديني في ألمانيا هو مخيم للاجئين لفترة مؤقتة،
تمكنت مارديني وشقيقتها من التواصل مع أحد أقدم أندية السباحة في برلين.
..وأصبحت مارديني سنة 2016 واحدة من بين الرياضيين العشرة المشاركين ضمن فريق اللاجئين في أولمبياد ريو، وشاركت في سباق 100 متر سباحة حرة وسباق100 متر فراشة.
منذ أسبوعين شاركت في أولمبياد طوكيو 2020
وهي اليوم سفيرة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصنفتها مجلة “بيبول” الأميركية في قائمة “25 امرأة غيرن العالم
“.إنحناءة وتحية إكبار ليسرى مارديني.
Recent Comments