“أنا هنا سمكة سجينة في بيت زجاجي لأني أحب أن أسبح في مياهي الحقيقية في الفرات».
بهذه الكلمات توجّه الفنان الأسترالي العراقي حيدر عبادي الى مدير العروض في المتحف البحري في سدني عندما كان يبدي إعجابه بإحدى لوحاته.
سنة 2005، عندما وصل حيدر عبادي الى أستراليا، وكنت اول من أجرى معه لقاء صحافياً، وجدتُ فيه الجمرة المتقدة التي لم ولن يطفئها صقيع الباسيفيك، هو الذي استل ريشته من باسقات النحيل وبلّلها برحيق فراتي حتى باتت ريشته لا تنزف حبراً إلّا ومجد العراق في تقاسيمها.
مناسبة هذا الكلام هو حفر اسم الفنان عبادي على جدار المتحف البحري في سدني تقديراً لفنّه الراقي وإسهاماته الفنية.
فقد حظي الفنان العبادي بتكريم يستحقه بمناسبة أسبوع التناغم الوطني، تمثل بحفر اسمه على الجدار الترحيبي في متحف الأحياء البحرية في سيدني، تقديراً لإسهاماته في مجال الرسم ومشاركاته الكثيفة في إثراء مجتمعه المحلي من خلال الفنون.
الفنان الذي وصل إلى أستراليا منذ 17 عاماً رافقته «التلعراف» عبر ستة معارض شخصية وأكثر من خمسين معرضاً جماعياً ، وصفّقت له وهنأته وهو يحصد الجوائز وما أكثرها.
وهو شارك الشهر الماضي «آذار- مارس» بيوم التناغم العالمي عبر لوحة المهاجرين وزورق من نحته عليه رؤوس أسماك.
من سدني الى ليفربول وكامبلتاون وسواها عانقته الجوائز ولا تزال، لأن في باله الكثير من الأجمل والأمتع، ولأن المستقبل يأخذ بيد عباس العبادي ولأن أنامله في تماسٍ وجودي مع الجمال وعلى موعد دائم مع التألّق..
اليوم حفر عباس اسمه على جدار، وأمس حفر اسمه في سجّل التعددية الحضارية وغدأ في السجلّ الذهبي للمبدعين الملهمين.
وكلما حمل حيدر عبادي الريشة يتذكّر أنه ابن حضارة غنية وشعب عظيم.
وللسلام في فنّه مساحة وافرة لذلك سُمّي سفيراً للسلام.
الفنانة مريم عبادي ابنة الفنان حيدر عبادي التي تهوى التصوير والفن السينمائي شاركت في إنتاج فيلم وثائقي عن والدها الفنان حيدر عباس عبادي بعنوان «حوار مع الطين» وطول الفيلم 7 دقائق.
وهي أيضاّ تخطّ مسيرة فنية ناجحة وفي سجلّها العديد من المعارض.
الفنان التشكيلي حيدر عباس عبادي صاحب عشرات المعارض وعشرات الجوائز الأولى على المستوى الأسترالي ومستوى الولاية.
في رصيده ثلاثون سنة من الإحتراف وآلاف اللوحات .
ولد على نهر الفرات في بابل، وكان يجلب الطين من ضفاف النهر، يشكّل منحوتاته ويحاورها.
وهو اليوم، يرى “أن الشعب العراقي ذاق الأمرّين ولكن عندما نصل إلى الاغتراب، نرغب بأن نثبت اننا اولاد حضارة عظيمة. هذا المنجز بأن يكون اسمي على جدار المتحف شيء جميل لي ولوطني. أتمنى أن نكون قدوة لمن سيأني بعدنا»..
ختاماً، الفنان حيدر عباس عبادي حالة فنية مضيئة في سجلّ الجالية العربية في أستراليا، ويستحق كلّ ثناء وتقدير.
Recent Comments