By Hani Elturk OAM
بقلم هاني الترك
عصام مهاجر عربي متزوج من حنان ولهما أولاد.. ويعيشون في سيدني حياة هادئة مستورة رتيبة لا إثارة فيها ولا تجديد.. حنان إمرأة غير عصرية.. غير مثقفة.. ساذجة وجامدة.. إلا أنها سيدة بيت من الدرجة الأولى.. تعتني بأولادها وتربيهم تربية شرقية
دينية على حسن الطاعة ودماثة الخلق.. وهي تقوم بواجباتها نحو زوجها.. وتهيئ له كل مقومات الحياة المريحة. إلا ان علاقتها بزوجها باردة.. فاترة.. ومشاعر عصام نحوها دائماً تتسم بالضيق والملل.. فحينما يأتي الى البيت متعباً تعد له الطعام.. وتثرثر قليلاً.. وتمضي باقي السهرة في أعمالها في البيت.. وتذهب بعدها كعادتها الى الفراش متعبة.. وحينما يلمسها زوجها لا يجد تجاوباً.. فتعطي ظهرها للعالم وتغط في نومٍ عميق حتى الصباح.. وهكذا تسير الاحوال كل يوم على نفس المنوال.. لا تجديد ولا تغيير. عصام رجل ناجح في عمله.. ويحب عمله جداً.. وتعمل معه إمرأة استرالية مثيرة إسمها جاين.. جاين جميلة نحيفة ورشيقة.. عيناها زرقاوان.. ملابسها أنيقة على آخر طراز.. تبرز منخفضات ومرتفعات جسدها الفتان.. بيضاء كالثلج.. شعرها ذهبي كوردة زاهية.. لها ضحكة مغرية.. فيها دعوة عشق وهيام.. وحديثها جذاب أخاذ يشد الى مواصلة الكلام معها. كان عصام يشاهدها بهذا الجمال أثناء العمل.. ويتأمل جسمها المثير.. وخصوصاً ساقيها بإعجابٍ شديد.. يتمنى أن يراها عاريةً تماماً بين ذراعية.. الحق ان وجود جاين معه في العمل حوّل عمله الى رحلةٍ رائعة يسافر معها كل يوم. إمتد الحديث يوماً بين عصام وجاين ودعاها الى قضاء سهرة بعد العمل.. وفي السهرة تجاذبا أطراف الحديث في حياتهما.. وصرحت له جاين بأنها متزوجة.. ولكنها إمرأة متحررة وعصرية.. ليس لديها مانع من قضاء وقت جميل مع رجلٍ يعجبها.. رقصت عينا عصام من الفرح لما سَمِعَه من كلام يبشر بتحقيق أحلامه. دعاها للرقص.. وتحت الأضواء الخافتة إلتصق جسدهما.. وأحس بالرغبة المشتعلة تغلي في أنحاء جسمه.. وفي صمت رائع تبادلا القبل.. وغابا في عناق طويل ملتهب.. وهنا أمسك بيدها وأسرعا خارجين الى فندق مجاور وعلى الفراش تحول الحلم الى حقيقة.. ضمها الى جسده في نهمٍ فظيع.. وحضنها بين ذراعيه وكأنه إمتلك القارة بأسرها بين يديه.. وتمرغا على الفراش من شهوةٍ عارمة.. وإنسحبا من الواقع في نشوةٍ لذيذة. عاد كل منهما الى بيته وفي صدره شيء يريد أن يقوله.. وصل عصام الى البيت متأخراً ولكنه مرتاح.. ونظر الى زوجته حنان وهي غارقة في نومٍ عميق في صفاء ونقاء.. جال بنظره نحو أولاده النائمين في براءة وسلام.. وأخذ يتأمل ويقارن بين زوجته الساذجة المملة التي حوّلت حياته في البيت الى جحيم.. وعشيقته العصرية الجذابة التي أحالت حياته في العمل الى متعةٍ وإثارة. فكر قليلاً بما يفعل لأن عليه الآن الإختيار.. ولكن لم تعن له فكرة طلاق زوجته حنان.. فهي زوجته وأم أولاده.. وهي مثال السيدة المستقيمة التي لا تكذب ولا تعرف الإلتواء.. ويعرف تماماً انها لن تخونه أبداً كأي إمرأة غربية متحررة.. وهذا يبعث في نفسه الثقة والطمأنينة. على أي حال تتابعت اللقاءات بين عصام وجاين لعدة مرات.. ولأن جاين إمرأة صريحة .. لا تحب التزييف في العلاقات وتفعل ما تعتقد وتؤمن.. صارحت زوجها بعلاقتها الجنسية بعصام.. وطلبت منه إقرار هذه العلاقة من أجل التغيير والتجديد.. رفض زوجها الموافقة ومن هنا إتفقا على الطلاق.. وفعلاً تم الإنفصال.. لم يهمها انها أصبحت وحيدة بدون زوج.. لأنها تعتقد بالحياة المتحررة المنفتحة.. وهكذا إستمرت تمارس أهواءها وتطلق العنان لغرائزها. وإنطلاقاً من إعتقادها بالعلاقات العلنية في وضح النهار.. وعدم تضليل الآخرين.. طلبت من عصام أن يخبر زوجته حنان عن العلاقة التي بينهما.. وأصرت في طلبها وألحّت.. رفض عصام في البدء مصارحة الزوجة المسكينة بالحقيقة الرهيبة.. ولكنه عاد وقرر مواجهتها.. لأن الصدق في العلاقات البشرية – كما علمته جاين- هو أهم مقومات إستمرارها. المهم أطلق عصام القنبلة الصادمة على زوجته وأخبرها بالعلاقة غير المشروعة.. إلا ان زوجته لم تصرخ أو تبكي أو تجن.. كما تفعل معظم النساء في مواجهة الحقيقة المرة.. بل كبتت ثورتها في الداخل وأظهرت هدوءها غير المتوقع في مثل هذه الحالة وقالت: يا زوجي الحبيب لا تدع شيئاً يؤثر على زواجنا مهما كان.. لأني أحبك بكل مشاعري وعواطفي وعقلي.. ولن أنسى عشرتنا الطويلة التي عشناها معاً.. فقد تعذبنا معاً طوال عمرنا من أجل أولادنا وبيتنا.. ولن نهدم ما بنيناه على مدى السنوات في لحظة من أجل علاقة جنسية بإمرأة أخرى.. فأنت رجل وكثير من الرجال يشتاقون الى جسدٍ جديد ودفء جديد.. متّع نفسك وتمتع كيفما تريد.. وحينما تمل وتعود يوماً ستجدني دائماً في إنتظارك. إندهش الزوج لتصرف الزوجة وظن في البدء انها لابد ان تكون قد أصيبت بلوثةٍ عقلية من شدة الصدمة لتتخذ هذا الموقف الغريب.. إلا انه وثق من صدقها وإيمانها لما تقول.. إحتار ما يفعل.. فقد إرتفعت مكانتها في نظره.. وأشعرته سعة صدرها ووفائها بفداحة ذلته.. وشعر ان برودها بدأ يتحول الى دفء يتسلل الى قلبه. والحق ان هذا الموقف أثبت ان زوجته الساذجة أعقل بكثير من النساء المتحررات.. وأوعى منهن في فهم طبيعة الرجل.. كانت حنان تعرف تماماً انها لو ثارت في تلك اللحظة على رجلها وهجرته لإنقطع الحبل الذي يربطها بزوجها وأولادها وبيتها.. كانت تعلم ان زوجها كان منساقاً بنزواته ويتكلم برغباته.. التي لابد أن تشبع وتأخذ حدها يوماً مهما طال الزمن.. لأن الزمن كفيل برد الخاطئ الى صوابه. وفعلاً كانت الزوجة الصالحة صائبة في حكمها.. إنقضت الشهور.. وفترت العلاقة بين عصام وجاين.. وأصبحت جاين بالنسبة له مجرد إمرأة عادية لا تحرك مشاعره.. ولا تفتح شهيته الجنسية كما كانت في الماضي. إنتقلت جاين الى عمل آخر وإنقطع عن رؤيتها.. وخرجت من حياته تماماً.. ويبدو ان عصام إرتد الى صوابه وعاد الى رشده.. وبمرور الأيام نما حب حنان زوجته في صدره كإمرأة أيضاً وليس لمجرد زوجته أم أولاده فقط.. وعادت السعادة تخيم على البيت الهادئ بعدما إنقشعت السحابة.. وإنتهت التجربة الصاخبة المريرة.. وسارت الحياة أجمل وأمتع.. والعلاقة الزوجية بين عصام وحنان أقوى وأمتع. وبعد هذه السنوات دق جرس التلفون في البيت الهادئ.. وكانت المفاجأة الكبرى.. المتكلمة هي جاين.. وفي هذه المرة طلبت الحديث مع حنان وليس مع عصام.. وقالت لحنان: لا تستغربي أني أكلمك بعد غياب سنوات طويلة.. فإنني أرى ان هذه الكلمات هي الأخيرة معك.. فقد سرق الزمن في هذه السنوات صحتي وعافيتي.. ذبل جمالي.. لم تفدني ثقافتي.. ولم ينفعني التحرر بشيء.. فقد إنغمست في لذاتي مع أي رجل تشدني رغبتي إليه.. وإنجرفت في طريق شهواتي حتى جاءني العقاب الشديد.. وأُصبت بمرض جنسي خبيث غير قابل للشفاء.. إنني دمرت حياتي من أجل نزوات مجنونة.. أما أنتِ المرأة البسيطة شرقية التقاليد أثبتتِ للجميع أنكِ حكيمة وذكية.. حافظتِ بفطرتك وبُعد نظرك على نفسك وزوجك وأولادك.. فإن الإنسان يصبح إنساناً حينما يقوى عقله على نزواته.. هذه هي خلاصة درسي في الحياة.. الدرس الذي جاء متأخراً ودفعت ثمنه حياتي.. أتركك في رعاية الله.. أنتِ الزوجة الصالحة.. وداعاً.