بقلم العميد المتقاعد خليل إسبر وهبه
بعد إنقضاء 44 سنة على إنتهاء الحرب العبثية التي اندلعت عام 1975 والتي أكلت الأخضر واليابس في لبنان، انتقلت كرة النار الى سوريا ودمرت معالم الحضارة فيها، وعلى هذه المسافة الزمنية نأمل ان نكون قد تعلمنا كيف نتجنّب السقوط ثانية في أَتونها اللاهب.
جميعنا اكتوينا بنارها وتعلمنا طرق الابتعاد عن الاسباب التي اشعلتها. بعضنا لم يستفد من الدروس والعبر والبعض الآخر تعلّم درساً لن ينساه. بعضنا خسر ماء الوجه والبعض الآخر مني بخسارة لا تعوض وجميعنا عاد الى القرون الوسطى.
أما الحضارة المدنية فقد دكّت معالمها وكلّفت شعوب المنطقة مليارات الدولارات لإعادة إعمارها عدا الوقت الضائع الذي كلفتنا عمليات ترميم الحجر والبشر والعمران.
وعندما وضعت الحرب اوزارها واجتازت لبنان الى سوريا ستظل تنتقل من بلد الى آخر عربي حتى يدفع الجميع اثماناً باهظة قبل النهوض ثانية من غير عودة الى السقوط في تلك الهوة السحيقة.
نحن في لبنان تجاوزنا هذا القطوع بكلفة كبيرة رتبته هذه الحرب في ذمّة لبنان يستغرق سنوات عدة لإيفائه ودفعه لأصحابه. صحيح ان روسيا خلّصت سوريا من كابوس ارهابي رهيب، إلا انها اوقعت النظام السوري تحت كابوس من الديون سيطول أمد إيفائها ليتسنى لها التحرر من الوجود العسكري الروسي.
هذه الحرب العبثية التي دارت رحاها في لبنان عام 1975 جرّت اليها كل المجموعات الإثنية المسيحية والإسلامية. فدفع الوطن اثماناً باهظة من دماء شعبه وشبابه ولا يزال.
هذه الحرب العبثية التي انطلقت من لبنان بمقتل معروف سعد في صيدا وإستغلاله الرخيص من قبل الأحزاب اليسارية والمقاومة الفلسطينية.
اعتقدوا جميعاً انهم رابحون في حين انهم في الحقيقة جميعهم خاسرون. وقد بدأت تتكشف عن خسارة كبيرة للكل. في ذلك اليوم ظهرت ملامح المؤامرة على الكيان اللبناني ولا تزال تتضح يوماً بعد يوم هذه الحقيقة المرة. يومذاك رفعت لافتات تنادي بجمهورية صيدون العربية وآخرها في شارع عزمي في طرابلس تنصّب رشيد كرامي رئيساً لجمهورية لبنان العربية.
ما حصل في لبنان في ذلك الزمن خطوة اولى من فيلم اميركي طويل يصب في خدمة اسرائيل على حساب الامة العربية جمعاء.
44 سنة مرت، ونسي العالم العربي فلسطين الجريح، وإسرائيل الاخطبوط الشرير يتربع سعيداً على كامل التراب الفلسطيني، إلا بعضه القليل الذي هو في طريق التهويد.
وهكذا دواليك حتى تهضم اسرائيل ما تبقى من التراب الفلسطيني. وهذا الغباء العربي والفلسطيني أَدّى في النتيجة الى ضياع ما تبقى من ارض فلسطين الجريح.
والآتي أعظم.