بقلم هاني الترك OAM
قابلتها بشخصيتها الجذابة في الجلسة الاولى للمنتدى الثقافي الاسترالي العربي.. قدمت لها نفسي.. فأجابت انها تعرفني قبل ان تلقاني من خلال كتاباتي والمناسبات العامة.. رأيتها تتميز بالرقة والصفاء والبساطة.. سعيت الى لقائها.. وتعرفت الييها عن قرب.
منذ أن إرتحلت الى استراليا 1982 وتحمل في أعماقها عشق فلسطين.. وكفلسطينية الجذور مثل باقي الفلسطينيين تعتقد بالقومية العربية.. وتتغنى بشعر العملاق محمود درويش.. وتقتبس بمشاعر مرهفة على صفحتها في الفيسبوك ما قاله محمود درويش:
أموت إشتياقاً
أموت إحتراقاً
وشنقاً أموت
وذبحاً أموت
ولكن لا أقول مضى حبنا وإنقضى
حبنا لا يموت.
وتقول من أقوال محمود درويش:
نحب الحياة إذا ما إستطعنا الى ذلك سبيلا.
وبإحساسها المرهف تستمع الى نشيد عبد الوهاب وأم كلثوم.. ومن كلمات نزار قباني:
عندي الآن بندقية.. وإلى فلسطين خذوني معكم.
فمنذ تأسيس البروفيسور أميرة عيسى للمنتدى الثقافي الاسترالي العربي.. وسناء أبو خليل في حركة دائمة لإحياء التراث الثقافي والأدبي العربي في استراليا.
سناء إمرأة واقعية متحررة فكرياً.. منذ هجرتها الى استراليا وهي تنغمس في أعماق الجالية العربية والمجتمع الاسترالي.. تجدها المرأة العملية الواسعة في خدماتها الاجتماعية.. على أساس تطوعي دون مقابل في الوقت الذي أصبحت فيه الحاجة الماسة للمساعدة أكثر إلحاحاً لمثل هذا النوع من الخدمات المجانية.. انها إمرأة متحررة فكرياً تدافع عن حقوق المرأة العربية وتعمل متطوعة حيث المعظم من أبناء الجالية لا يعمل بشكل تطوعي.
انها بحر من الاتصالات سواء في الجالية او في المجتمع الاسترالي.. تهوى مساعدة الآخرين.. إنطلاقاً من الخدمة التطوعية بدون مقابل.. هذه حياتها تؤمن ان العمل التطوعي بتعاون أفراد المجتمع هو تحقيق الخير الأسمى للمجتمع.
يعود عشقها للعمل التطوعي الى تجربتها الذاتية.. منذ أن أنجبت ولداً مصاباً بإعاقة ذهنية.. اعتبرت ان الاعاقة هي نعمة من أجل الوصول الى الخير العام.. علَّمت إبنها وطوّرت قدرته الذهنية المحدودة الى أن إمتهن حرفة رأى فيها غايته المهنية المنشودة.. فهو يعمل بدوام كامل ويرتزق من عمله حيث تغلب على الاعاقة لذوي الاحتياجات الخاصة.. علّمها إبنها التحلي بالصبر.
وإتخذت الخدمة الاجتماعية المجانية طريقاً لها.. فدرست عدة دورات في الخدمات الاجتماعية من منطلق حب مساعدة الآخرين.. مثل رعاية المسنين.. فهي تعمل برعاية المسنين في مؤسسة Advance Diversity Services .. ومؤسسة Care Australia تغمر المسنين بحنانها.. لا فرق بين استرالي وعربي.. أو دين على آخر.. حتى انها تذهب معهم الى الكنيسة وهي محجبة.. وتعتقد ان الديانات جاءت هداية للبشرية.. ولكن المعظم إنحرف عن رسالتها الانسانية.. فهي تزور المسنين في منازلهم وفي المستشفيات حيث تبتهج أفئدتهم بالتحدث معها.. وتعاملهم بقلب دافئ حتى يعرفوا ان الاسلام هو دين الرأفة والمحبة وليس العنف.
وتعمل ذلك مجاناً مع ذوي الاحتياجات الخاصة.. إذ تسبغ على حياتهم لوناً من السحر وروح الفرح.. وتشعر بارتياح كبير بتعاملها معهم.. وتستفيد من خبراتهم.
وهي تنغمس في أعماق الجالية حيث الكثير من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في حاجة الى مساعدة.. تعليمهم قيادة السيارات بدون مقابل.. والعثور على وظيفة لهم.. تدعمهم في مراحل إستقرارهم الاولى حتى تخفف من شعورهم بالغربة.. من اجل تأقلمهم في الحياة الاسترالية.. انها بحر من العلاقات الانسانية.. والمحبة البشرية.. فهي همزة وصل بين الجالية والمجتمع الاسترالي.
وفي النظام المدرسي تقيم ندوات بين أهالي الطلبة والطاقم المدرسي من اجل إنخراط الاهالي في النظام المدرسي لأطفالهم.. فهي تتمتع بحب العطاء لأقصى الحدود.. وتستمد سعادتها من المساعدة بدون مقابل.
وساعة الاطلاع تقرأ بِنَهم في فروع مختلفة من المعرفة.. للمتعة الذهنية وسّعة المعرفة.. تقرأ الصحف وتستمع الى الإذاعات وتشاهد التلفزيون.. الى انها تقول انها إستفادت كثيراً من إذاعة إس بي إس العربية.. إذ تتابعها دائماً وتستقي المعلومات والاخبار وساعدتها الاذاعة في مراحل استقرارها الاولى من اجل تفهم المجتمع الاسترالي.. فكانت تعاني من الوحدة والغربة بلا أقارب او أصدقاء وكانت إس بي إس رفيقتها تتابع برامجها دائماً.
حافظت سناء على تراثها العربي.. وفي ذات الوقت إندمجت في المجتمع الاسترالي.. من منطلق سياسة الحضارات المتعددة.
بعد ان رسخت أقدامها في المجتمع إتجهت نحو مساعدة الآخرين.. فهي إمرأة عربية استرالية بإمتياز.. واقعية مثالية الى أقصى الحدود.. لا تدّعي المعرفة.. مع انها تقتبس النور من المعرفة.. وتغرف من بحار المعرفة.. وخصوصاً من العلوم الاجتماعية والانسانية.. ونحن في الجالية العربية في حاجة للكثير من أمثال سناء أبو خليل.. لأن العمل التطوعي المجاني قليل جداً في الجالية.. مع انه يمنح الهدوء النفسي ويرفع معنويات صاحبه.