بقلم العميد المتقاعد / خليل وهبه
الوجود السوري اللاجئ الى لبنان يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد الوطني ويشكل مليون ونصف سوري منافساً غير شرعي لليد العاملة اللبنانية التي انحسر مدّها بشكل كبير وشريكاً مضارباً لعمالتنا في عقر دارها.
واذا تحرك لبنان لحماية يده العاملة اللبنانية دعي هذا التحرك عنصرية ما بعدها عنصرية. فيما لو تحركت أَية دولةٍ عربية لحماية عمالتها ومن هجمة الوافدين الى ظهرانيها، اعتبر تصحيحاً لمسار العمالة وحماية لحقوق عمال شعب الدولة المتحركة.
لماذا اي تحرك من قبل لبنان لحماية يده العاملة يعد عنصرية؟ واية حماية لليد العاملة في اية دولة عربيةٍ يعد وطنية؟ لا تشوبها اي عنصرية؟
لم يعد خافياً على أي انسان ان التحرك اللبناني الوطني بنظر الدول العربية يعد عنصرية ما بعدها عنصرية.
لماذا هذا التمييز الصارخ والاختلاف في المفهوم؟ ما يعد وطنياً في مفهوم لبنان هو عنصرية وسامية في نظر المفاهيم السائدة في الدول العربية.
بعبارة صريحة لأن وجه لبنان هو وجه مسيحي وهو الدولة الوحيدة في محيطها العربي غربية اللسان. وطالما ان الواقع المعيوش هو كذلك سيظل لبنان يغرد خارج سربه حتى يتغيّر واقع الحال في بلاد الأرز وهذا أمر شبه مستحيل ان تطفي على وجهه السمة الاسلامية.
الصراع على أشده بين العصبية الدينية والتسامح المسيحي وينحو نحو تطور انتشار التسامح الاسلامي المتزايد مع الزمن. وقبول لبنان المسيحي بهذه الصفة الفريدة آخذة بانتصار هذه الفرادة على ما عداها من تعصب ديني برفض التعايش المشترك بين المسيحية والاسلام.
الشرق الاوسط مهد الديانات الحيّة وسيبقى هكذا حتى يوم القيامة المجيدة لعالم الاموات منذ عهد المسيح وحتى ايامنا هذه.
لبنان غير معتدٍ على حرمة اية دولة عربية وسيبقى على تسامحه كما كان في القرون الوسطى والعصور الاولى لانطلاقة المسيحية.
ان ارض الأرز وفيَّة لجيرانها ومحافظة على صداقاتها ومحبتها للجميع. لم نكن يوماً غير أوفياء لعلاقاتنا السياسية والحوارية، ولا يوماً تخلينا عن علاقاتنا او تعدينا على حرمة الدول القريبة والبعيدة شرط ان يحافظ الآخرون على جيرتهم لنا كما نحن نفعل ونحافظ.
لماذا هذا الاتهام الجائر والظالم لوطن ما احب لسواه غير المحبة؟ او ضمر له أي سوء؟ ومع ذلك يتهم هذا الوطن الارزي بالعنصرية البغيضة التي رفضها وطن الأرز وتخلى عن قيمها ومبادئها.
هذا هو لبنان الذي نعيشه بكل جوارحنا ونتمناه ونريده ان يستمر في طليعة الدول الراغبة في المحافظة على علاقاتها الودية والصادقة.
بعد هذه العلاقات الثابتة وحسن الجوار نرجو من جيراننا ان يتعاملوا معنا بالمثل.
من مصلحة العرب جميع العرب ان يبقى لبنان على مسافة واحدة من جميع الاخوة العرب، جامعاً لكل العرب وشقيقاً للجميع يلملم شتاتهم ويجمع شملهم ولا يفرّق بين عربي وآخر الا بمقدار ما يلتزم بالحق والتضامن.