بقلم / كمال براكس
إذا كتب الخلود لأي ملحمة كتبت بأي لغة وفي اي عصرفلن تكون الا الإلياذة
والأوديسة,حيث بلغ فيهما شعر «هوميروس”ذروة المجال والأتقان والخيال وسعة الأفق,
حتى لقد ظّن البعض ان الألياذة عمل ادبي يستعصي على شاعر بمفرده ,ولا يمكن ان تكون
من انتاج شاعر واحد,بل لا بّد أنها مجموعة من القصائد لأكثر من شاعر أو لعّلها لأربعة
وعشرين شاعرا”,نّظم كل منهم نشيدا” من أناشيدها.
والإلياذة نسبة الى يونانية «أليون”عاصمة الطرواد,وهي ملحمة سهلة الأسلوب
تدور حول غيظ (أشيل)وغضبه ,ولا تنحرف كثيرا” عن المحور مهما تعّدد اشخاص القصص
ولهذا جاءت الألياذة سلسلة واحدة متماسكة البناء,ولكن يزيد فهم القارئ لمعانيها .نلّمح هنا
الى مملكة طروادة ايام حكمها الملك (فريام)وكانت قاعدتها طروادة .
غاب (منيلاوس)ملك اسبارطة عن بلاده في مهمة ,وزار اسبارطة في تلك الفترة
(باريس)ابن (فاريام)فنزل ضيفا”على (منيلاوس)وهو غائب,وما زال (بهيلانة)أمرأة الملك
حتى أستهواها فأحبّته,ورضيت بالفرار معه الى بلاده,وحاول الإغريق أسترجاعها بشّتى
الوسائل فعجزوا اخيرا”,فتأهبوا للحرب تحت قيادة (أغاممنون)أخ (منيلاوس) فعاثوا في بلاد
الطرواد,وحاصروا العاصمة عشر سنين.
وأقتطع (هوميروس)من السنة العاشرة شريحة اياما”,واتّخذها زمانا”لملحمة التي
يحكى فيها انه كان بين السبايا فتاة رائعة الجمال ,وقعت في حّب (أخيل) فأغتصبها منه (أغاممنون)
فعظم الأمر على (أخيل)وكاد يبطش (بأغاممنون)لولا ان أثينا الهة الحكمة صدّته عن ذلك
فأعتزل القتال ,فحمى وطيس الحرب بين الطرواد والأغريق,و(أخيل)يتحّرق غيظا” في عزلته
مما قّوى عزم الطرواد ,فنّكلوا بألأغريق الذين بعثوا بكبارهم يسترضون (أخيل)ولكنه أعرض
وأبى.وبعدها توالت هزائم الأغريق.
وكان (لأخيل)صديق يشاطره معتزله اسمه(فطرقل) وكان شهما” وشجاعا”,فكاد يموت
غّما”لما أصاب قومه,فأخذ يستعطف (أخيل)الأصّم ويستفزه,وقد سّد سماعه تماما”,فلما حلّت
بقومه نكبة جديدة ,أخذ (فطرقل)يبكي وينتحب كالأطفال,فأذن له (أخيل)بالقتال.فحمل على العدو
وأبلى حسن البلاء,حتى قتله (هكتور),فدارت الدائرة على الأغريق,وساد الهرج صفوفهم
وعلم (أخيل)بمقتل صاحبه وصديقه ,فحزن حزنا”شديدا”وزادت نقمته على الطرواد,فنهض
بأخذ ثأر صاحبه ,وتولى قيادة قومه بعد ان صالح (أغاممنون),وأغار على الطرواد ,فبطش
بهم وقتل (هكتور),فهدأت ثائرة غضبه ,وانقلب حقده عطفا”ورفقا”على شيخوخة الملك (فريام)
فأعاداليه جثة ابنه وصرفه آمنا”.
وهكذا ينتقل (هوميروس)من نشيد الى نشيد,حتى يبلغ بألياذته نشيدها الرابع والعشرين
فيختمها بشيئ من الميلودراما ? مما يليق بألمقام-فيصف مأتم (هكتور)دون ان يسهب ,وفي
ختام وصفه يشير الى عظام الفقيد.
https://sites.google.com/site/kamal