(الحلقة الثالثة)
هدم الكعبة وبناؤها
لا شك أن الكعبة المعظمة بنيت مرات عديدة، وقد اختُلف في عدد بنائها . وذلك لحوادث وقعت في التاريخ، منها حوادث طبيعية كالطوفان والسيل. ومنها حوادث ناتجة عن ظلم الظالمين. قال الفاسي في كتابه شفاء الغرام ما ملخصه: لا شك ان الكعبة بنيت عدة مرات، واختلف في عدد البنايات, ويتحصل من مجموع ما قيل في ذلك انها بنيت عشر مرات : بناء الملائكة، وبناء آدم وبناء شيث، وبناء الخليل، وبناء العمالقة، وبناء جرهم، وبناء قصي بن كلاب، وبناء قريش، وبناء عبد الله بن الزبير، وبناء الحجاج بن يوسف الثقفي (وبناؤه على نحو المجاز لأنه لم يبن إلا جزءاً منها على ما يأتي بيانه). ثم ان بناء الملائكة وآدم واولاده لم يأت بها القرآن، واما بناء ابراهيم الخليل فجاء به القرآن والسنة: (واذا يرفع ابراهيم)…
ما زالت الكعبة على بناء ابراهيم ورفعه للقواعد حتى بنتها جرهم كما ذكر الازرقي بالسند عن علي امير المؤمنين عليه السلام وعبد الله بن العباس.
ولما آل أمر البيت الى قصي بن كلاب في القرن الثاني قبل الهجرة هدمها وبناها فاحكم بناءها وسقفها بخشب الدوم وجذوع النخل. وبنى الى جانبها دار الندوة وهي اول بناء بعد الكعبة في مكة، وكان بها حكومته ومحل الشورى مع صحابته، وكان لا يتم لهم أمر من الامور السياسية والاجتماعية إلا فيها.
ثم قسم جهات البيت المعظم بين طوائف قريش، فبنوا دورهم على المطاف حول الكعبة وفتحوا عليه أبوابهم.
وقبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم بنحو خمس سنين هدم السيل الكعبة ، فاجمعت قريش أمرها واقتسمت القبائل بناءها، وكان الذي يبنيها لهم باقوم الرومي بمساعدة نجار مصري. فلما انتهوا الى وضع الحجر الاسود اختلفوا في أي قبائل تختص بشرف وضعه في محله، وكان يفضي الامر إلى إشهار السلاح فيما بينهم. وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعمل معهم وعمره إذ ذاك خمس وثلاثون سنة، وكان له فيهم شأن عظيم لحسن سيرته وكمال أخلاقه، وكانوا يسمونه بالأمين فاتفقوا على ان يحكموا اول داخل إلى المسجد، فكان اول داخل هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فارتضوه حكماً. فطلب رداء ووضع فيه الحجر وأمر القبائل فامسكت بأطرافه، ورفعوه بالحجر حتى اذا وصل إلى مكانه من البناء في الركن الشرقي وضعه فيه بيده الشريفة. وبهذه الفكرة السامية والسياسة الرشيدة انتهت الشحناء من بين القبائل، وكانت النفقة قد قصرت بهم فبنوا الكعبة على ما هي عليه الآن. وكان الحِجْر اولاً داخلاً فيها.
فلما وليَ عبد الله بن الزبير إلى المسجد الحرام، فضربه الحصين بالمنجنيقات فاصابت بعض مقذوفاتها الكعبة فهدمتها واحرقت كسوتها مع بعض أخشابها، حتى إذا بلغه هلاك يزيد رجع بمن معه عن مكة.
ثم رأى ابن الزبير ان يهدم الكعبة ويبنيها على قواعد ابراهيم فهدم الكعبة وأتى لها من اليمن بالجص النقي فبناها به، وادخل الحجر في البيت، والصق الباب بالارض وجعل قبالته إلى الغرب باباً آخر ليخرج الناس منه، وجعل ارتفاعاً سبعة وعشرين ذراعاً. ولما فرغ من بنائها طيبها بالمسك والعنبر داخلاً وخارجاً من اعلاها إلى اسفلها وكساها بالديباج.
وكان انتهاؤه من عملية هذا البناء في 17 رجب سنة 64 للهجرة. فلما كانت خلافة عبد الملك بن مروان سيَّر الحجاج بن يوسف الثقفي الى ابن الزبير فحاصره في مكة، ورماه بالمنجنيق حتى قتل في سنة 73.
ودخل الحجاج مكة وكتب الى عبد الملك بما جدَّده ابن الزبير في الكعبة، فولاه عليها وأمره ان يعيدها كما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهدم الحجاج من جانبها الشامي (الشمالي) قدر ستة أذرع وشبر، وبنى ذلك الجدار على أساس قريش، ورفع الباب الشرقي وسد الغربي ولم يغير من باقيها شيئاً، ثم كبس أرضها بالحجارة التي فصلت عنها.
وعليه فالكعبة الآن على بناء ابن الزبير من جوانبها الشرقي والجنوبي والغربي، وبناء الحجاج من جانبها الشمالي. ولم يطرأ عليها بعد ذلك الا العمارة التي تغير فيها سقفها في زمن السلطان أحمد سنة 1021، ثم أعقبتها العمارة التي قام بها السلطان مراد الرابع على اثر السيل الهائل الذي حصل في سنة 1039 ووصل ارتفاعه إلى مترين فوق أرضيتها، فهدم من حوائطها الشمالي والغربي والشرقي، أما ما عمر فيها بعد ذلك فشيء لا يذكر.
شكل الكعبة
الكعبة الآن من الخارج على التعديل الذي رجع إليه الحجاج، وهو ما كانت عليه مدة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ذات شكل مربع تقريباً، مبني بالحجارة الزرقاء الصلبة. ويبلغ ارتفاعها خمسة عشر متراً، (15 متر) وطول ضلعها الذي فيه الميزاب والذي قبالته عشرة أمتار وعشرة سنتيمترات، وطول الضلع الذي فيه الباب والذي يقابله اثنا عشر متراً. وبابها على ارتفاع مترين من الارض، وفي الركن الذي على يسار باب الكعبة الحجر الاسود على ارتفاع متر وخمسين سنتيمتراً من أرضية المطاف.
ويحيط بالكعبة من خارجها من البناء في أسفلها، متوسط ارتفاعها خمسة وعشرون سنتيمتراً، ومتوسط عرضها ثلاثون سنتيمتراً، وتسمى بالشاذرون، وهي من أصل البيت تركت خارجة عنه في بناء قريش لها قبل الاسلام لاختصارهم في بنائها.
ويسمون زوايا البيت الخارجة بالاركان: فالشمالي منها يسمونه بالركن العراقي لانه إلى جهة العراق، والغربي يسمونه الشامي لانه متجه إلى جهة الشام، والقبلي (الجنوبي) يسمونه اليماني لاتجاهه إلى اليمن وفيه حجر يسمونه الحجر الاسعد، والشرقي يسمونه بالركن الاسود لان فيه الحجر الاسود: وسيأتي الكلام عنه مفصلاً.
والمسافة التي بين ركن الحجر وباب الكعبة يسمونها الملتزم، وهو ما يلتزمه الطائف في دعائه واستغاثته.
ويخرج من منتصف الحائط الشمالي الغربي من أعلاه الميزاب (المزراب) ويقال له ميزاب الرحمة، وقبالة الميزاب من الخارج يوجد الحطيم: وهو قوس من البناء طرفاه الى زاويتي البيت الشمالية والغربية، وهذا الفضاء الواقع بين الحطيم وحائط البيت هو ما يسمونه بحجر اسماعيل وقد كان يدخل منه ثلاثة امتار تقريباً في الكعبة في بناء ابراهيم، ويقال بان هاجر واسماعيل مدفونان فيه.
اما الكعبة من الداخل فشكلها مربه مشطور الزاوية الشمالية، وهي التي على يمين الداخل، وبهذه الشطرة باب صغير اسمه باب التوبة، يوصل الى سلم صغير يصعد به الى سطحها. وبوسطها من الداخل ثلاثة أعمدة من العود القاقلي، عليها مقاصير ترتكز على حائط الميزاب من جهة وحائط الحجر الاسود من اخرى. وقطر كل عمود نحو ثلاثين سنتيمتراً.
ويغطي سقف الكعبة وحوائطها من الداخل كسوة من الحرير الوردي عليها مربعات مكتوب فيها «الله جل جلاله»، وفي قباله الداخل من الباب محراب كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويحيط ببناء البيت من الداخل إزار من الرخام المجزع على ارتفاع مترين.
البيت الحرام ومزاياه
الحجر الاسود:
الحجر الاسود: وهو حجر صقيل بيضاوي غير منتظم، ولونه (الحالي) اسود يميل الى الاحمرار، وفيه نقط حمراء وتعاريج صفراء، وهي أثر لحام القطع التي كانت تكسرت منه، وقطره نحو ثلاثين سنتيمتراً، ويحيط به اطار من الفضة عرضه عشرة سنتيمترات.
نوعه:
وهذا الحجر ليس من الاحجار العادية المعروفة، وانما هو حجر جاء به من جبريل من الجنة.
وهذا ثابت عند المسلمين قاطبة، وهو خبر حق وصدق عندنا، لتواتر الاخبار بذلك، وثبت هذا الخبر بطرق صحيحة واسانيد معتبرة.
روى الترمذي وأحمد والحاكم وابن حبان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: «الحجر الاسود من حجارة الجنة».
وعند ابن خزيمة في كتابه عن مسلم بن خالد، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس انه قال ليس في الارض من الجنة إلا الركن الاسود والمقام فانهما جوهرتان من جوهر الجنة، ولولا ما مسهما من اهل الشرك، ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله عز وجل.
وذكر أيضاً عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ان الله عز وجل يبعث الركن الاسود له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق.
وروى الازرقي عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع عمر ابن الخطاب الى مكة فلما دخلنا الطواف قام عند الحجر وقال: والله اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك، ثم قبله ومضى الطواف، فقال له علي عليه السلام: بلى هو يضر وينفع قال: وبم ذلك؟
قال: بكتاب الله قال: واين ذلك من كتاب الله تعالى؟
قال: قال الله تعالى: «واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا».
قال: فلما خلق الله عز وجل آدم مسح ظهره فأخرج ذريته من صلبه، فقررهم انه للرب وهم العبيد، ثم كتب ميثاقهم في رق، وكان هذا الحجر له عينان ولسان فقال له: افتح فاك قال: فالقمه ذلك الرق وجعله في هذا الموضع، وقال: تشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة. قال: فقال عمر: اعوذ بالله ان اعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن.
وروى الازرقي ايضاً عن الحكم بن ابان قال: حدثني ابي عن عكرمة قال: ان الحجر الاسود يمين الله في الارض فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله.
وروى أيضاً عن ابن عباس انه قال:
لولا ما مسه من ايدي الجاهليين لأبرأ الأكمه والأبرص.
وروى محمد ابن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استلموا الركن فانه يمين الله في خلقه يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة.
وروى بكير بن أعين أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام لأي علة وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه؟ ولأي علة يقبّل ؟ الى أن قال: فقال: ان الله وضع الحجر الاسود في ذلك الركن لعلة الميثاق، وذلك انه لما اخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم حين اخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان – الى ان قال: – و اما القبلة والالتماس فلعلة العهد تجديداً لذلك العهد والميثاق، فيأتوه في كل سنة ويؤدوا اليه ذلك العهد والأمانة اللذين اخذا عليهم، ألا ترى انك تقول: أمانتي اديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة… الى ان قال: ثم إن الله عز وجل لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان، لأن الله حيث اخذ الميثاق من ولد آدم اخذه في ذلك المكان، وفي ذلك المكان ألقم الملك الميثاق…
وبهذا ظهر ان كونه من الجنة أمر صحيح ثابت بطرق متعددة، واسانيد كثيرة وبعض مصادرها مثل : مسند احمد بن حنبل، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة، وصحيح ابن خزيمة، ومعجم الطبراني، ووسائل الشيعة، والتهذيب، والكافي، وأخبار مكة للأزرقي، والفاسي المكي الخ من المصادر. ولا اعلم عن احد من المسلمين مخالفة في اثبات هذا الأمر.
اما لونه: فانه ورد في كثير من كتب الحديث، وكتب التاريخ ما يدل على ان هذا الحجر كان ابيض. ففي بعض الروايات «ابيض من الثلج» (احمد).
وفي رواية «ابيض كأنه الفضة» الازرقي.
وفي بعضها «كأنه مهاة بيضاء» الطبراني، كذا في المجمع).
وفي بعضها «اشد من اللبن» (الترمذي).
واما سبب اسوداده وكما ورد في الخبر.
«هو ان خطايا بني آدم هي التي سودته» روى ذلك الترمذي، وروى محمد بن علي بن الحسين قال روي عن النبي (ص) والأئمة عليهم السلام انه إنما يقبل الحجر ويستلم ليؤدي الى الله العهد الذي اخذ عليهم في الميثاق، وانما يستلم الحجر لأن مواثيق الخلائق فيه، وكان أشدّ بياضاً من اللبن فاسودّ من خطايا بني آدم، ولولا ما مسَّه من أرجاس الجاهلية ما مسّه ذو عاهة إلا برئ.
خصائص الحجر الأسود
وفي ضوء ما ذكرنا من الاخبار المستفيضة ظهر لنا ان لهذا الحجر المبارك عدة خصائص اهمها:
1- استحباب تقبيله واستلامه.
2 – انه في اشرف مكان في بيت الله المعظم (الركن الشرقي).
3- انه في المكان الذي يشرع ابتداء الطواف بالبيت منه.
4- ان استلامه كمن بايع الله ورسوله.
5- يشهد يوم القيامة لمن استلمه بحق.
6- انه شافع ومشفع يوم القيامة.
7- انه في الارض بمنزلة يمين الله.
ما اصاب الحجر الاسود في التاريخ
في زمن ابن الزبير:
روى الفاسي المكي في كتابه (شفاء الغرام باخبار البلد الحرام) قال: وكان الركن قد تصدع من الحريق بثلاث فرق فانشظت منه شظية كانت عند بعض آل بني شيبة بعد ذلك بدهر طويل، فشده ابن الزبير بالفضة الى تلك الشظية من أعلاه بين موضعها من أعلى الركن. انتهى.
ثم قال: وروينا في تاريخ الازرقي عن جده قال:
كان ابن الزبير ربط الركن الاسود بالفضة لما اصابه من الحريق، ثم كانت الفضة قد تزلزلت ونزعت وتعلقت حول الحجر حتى خافوا عليه ان ينقض، فلما اعتمر هارون الرشيد وجاور في سنة تسع وثمانين ومائة امر بالحجارة التي بينها الحجر الأسود ان ينقب بالماس فنقبت بالماس من فوقها ومن تحتها ثم افرغ فيها الفضة.
في زمن فتنة القرامطة
ذكر اهل التاريخ ان ابا طاهر القرمطي وافى مكة في سابع ذي الحجة سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وفعل فيها هو اصحابه اموراً منكرة منها: ان بعضهم ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم قلعه. وقيل : قلعه جعفر بن فلاح البناء بأمر ابي طاهر يوم الاثنين بعد الصلاة وذهب به معه الى بلاده هجر، وبقي موضعه من الكعبة خالياً يضع الناس فيه ايديهم للتبرك الى حين رد الى موضعه من الكعبة وذلك في يوم الثلاثاء يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة على ما ذكر المسبحي وذكر ان الذي وافى به مكة سنبر بن الحسن القرمطي (1) …
حدث عظيم في الكعبة
علي (ع) وليد الكعبة:
ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراماً من الله تعالى له بذلك وإجلالاً لمحلِّه في التعظيم. حيث ان اشرف البقاع الحرم، وأشرف الحرم: المسجد، واشرف بقاع المسجد الكعبة ولم يولد فيه مولود سواه.
وهذه حقيقة ناصعة اصفق على إثباتها الفريقان، وتضافرت بها الأحاديث، وطفحت بها الكتب، ونص جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذا الحدث.
قال الحاكم في المستدرك : وقد تواترت الاخبار ان فاطمة بنت أسد ولدت امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة.
وحكى الحافظ الكنجي الشافعي في (الكفاية) من طريق ابن النجار عن الحاكم النيسابوري انه قال: ولد امير المؤمنين علي بن ابي طالب بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراماً له بذلك، وإجلالاً لمحلِّه في التعظيم.
وتبعه احمد بن عبد الرحيم الدهلوي الشهير بـ (شاه وليّ الله) والد عبد العزيز الدهلوي مصنِّف (التحفة الاثنى عشرية في الرد على الشيعة) فقال في كتابه [إزالة الخفاء]:
تواترت الأخبار انَّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علياً في جوف الكعبة، فإنه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين نسنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواهقبله ولا بعده.
وقال شهاد الدين السيد محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في [سرح الخريدة القيبية في شرح القصيدة العينيَّة] لعبد الباقي أفندي العمري ص 15 عند قول الناظم:
أنت العلي الذي فوق العلى رفعا
ببطن مكة عند البيت وضعا
وكون الأمير كرّم الله وجه ولد في البيت أمرٌ مشهور في الدنيا، وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة – إلى ان قال – : ولم يشتهر وضع غيره كرّم الله وجهه كما اشتهر وصفه، بل لم تتفق الكلمة عليه، وما أحرى بإمام الأئمة ان يكون وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين! وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين!
وقال في ص 75 عند قول العمري:
وأنت أنت الذي حطت له قدم
في موضع يده الرحمن قد وضعا
وقيل: أحب عليه الصلاة والسلام (يعني علياً) ان يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها، فإنها – كما ورد في بعض الآثار – كانت تشتكي الى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول:
أي ربِّ حتى متى تعبد هذه الاصنام حولي؟
والله تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك.
والى هذا المعني أشار العلامة السيد رضا الهندي بقوله:
لمّا دعاك الله قدماً لأن
تولد في البيت فلبيته
شكرته بين قريش بأن
طهَّرت من أصنامهم بيته
ويجدها القارئ من المتسالم عليه من فضائل مولانا امير المؤمنين (ع) في غير واحد من مصادر السنة والشيعة…
Recent Comments